عمون - وجه سلطان الحديدي كلمة إلى ملتقى الحوار المجتمعي للتخفيف من الآثار المالية المرتبتة على سلوكات العادات والتقاليد:

وتاليًا نص ما وجهه الحديدي:


بسم الله الرحمٰن الرحيـــــــم

الحضور الكريم :

بارك الله مساعيكم التطوعية الطيبه لإنجاح هذه المبادره القديمه الجديده "ملتقى الحوار المجتمعي للتخفيف من الاثار الماليه المترتبه على السلوكيات في تطبيق العادات والتقاليد"

نعيش اليوم تحديات كثيرة في زمن يتغيّر بسرعة مذهلة، تتبدل فيه الموازين السياسية والاقتصادية والاجتماعية على نحو غير مسبوق. هذه التحولات العميقة، بما تحمله من ضغط وتحدٍ، أرهقت الفرد، وأثّرت على استقراره، خصوصًا المواطن الأردني الذي يواجه أعباء الحياة بصبر وكفاح.

لقد تراجعت منظومة القيم، وتآكلت الطبقة الوسطى التي كانت تمثل رمانة الميزان، وغابت المرجعيات المجتمعية الرصينة، مما أفسح المجال لنمو سلوكيات اجتماعية مشوهة، بعضها قائم على التفاخر الكاذب، والنفاق الاجتماعي، والتكاليف الباهظة التي لا مبرر لها، في الأفراح والمآتم على حد سواء.

لكننا نؤمن أن التغيير ممكن، بل واجب، وأنه يبدأ من الداخل، من وعي الفرد وسلوكه. وكما جاء في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، فإن أي إصلاح اجتماعي حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون تغيير عاداتنا وتصوراتنا عن الحياة والواجب.

من هنا، تنطلق مبادرتنا كجهد تطوعي مجتمعي، هدفه التخفيف من الأعباء المالية التي أرهقت الأسر، والتصدي للممارسات التي لا تنسجم مع واقعنا الاقتصادي، ولا تعبر عن جوهر ثقافتنا الأصيلة.

نحن نؤمن بقوة الحوار وأثره، ونعمل على بناء وعي مجتمعي يراعي الواقع ويضع الأسرة والمجتمع في صلب أولوياته. لقد اخترنا مدينة السلط لتكون منطلقًا لمؤتمرنا القادم بتاريخ 14/6، لما لها من رمزية تاريخية ومجتمعية، ولما تمثله من إرث وطني مشرف.

هذا الملتقى ليس مناسبة عابرة، بل خطوة ضمن مسار طويل نهدف من خلاله إلى خلق نموذج سلوكي جديد، واعٍ، متوازن، ينطلق من القيم الأصيلة ويتناغم مع متطلبات العصر.

نعيد اليوم إحياء روح وثيقة السلط الشعبية التي أرست دعائمها قبل عقود، لتعزيز التماسك المجتمعي، ونعمل الآن على تطويرها لتكون مرجعية معاصرة تشمل العشائر، الجمعيات، والمساجد، والكنائس، والدواوين، والهيئات الثقافية وكل فضاء مجتمعي يمكن أن يسهم في الإصلاح.

نحن سفراء التغيير، لا نحمل شعارات فقط، بل نمارس ما ندعو إليه، ونؤمن أن وعي المجتمع يبدأ من ذاته.

تحية تقدير لكل من يؤمن بالعمل الجماعي والتغيير الهادئ الراشد الذي يخدم الوطن والإنسان.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته