الإيجـابية: وعواقب خرق السّفينة .. فالح الخضير
21-07-2011 03:51 PM
إيجابية الفرد محمودة إذا صبت في إيجابية الجماعة، وكاريزما الفرد مطلوبة إذا ساهمت في بناء كاريزما المؤسّسات، ومن أجل تجسيد هذه المعاني ضرب لنا رسول اللّه ـــ صلّى اللّه عليه وسلّم ــ مثلا رائعا يصوّر فيه تنازع إيجابية الأفراد مع إيجابية الجماعة، ويقدّم العلاج النّبوي الشافي الذي « يذوب » أنانية الفرد في نفعية المؤسّسة من منطلقات تربوية تعطي حقّ الفرد كاملا غير منقوص ولكنّها « تضرب » على يده بقوّة إذا تضخمّت طموحاته لتتجاوز شرعية الجماعة وحقّها في المكتسبات العامة.
المحاذير الأربعة: لا أحد يعيش وحده في هذا الكون، حتى و إن كان محكوما عليه بالسّجن الانفرادي داخل زنزانة مظلمة، وعلى كلّ فرد أن يفهم أنّ اللّه خلق النّاس ليتعارفوا، ويتعاونوا، ويتضامنوا، ويخدم بعضهم بعضا، فالنّاس للنّاس من عرب ومن عجم * بعض لبعض وإن لم يشعروا خدموا (كما يقول الشاعر).
لكن لبعض الأفراد أنانيات مفرطة، فهم دائما ــ في نظر أنفسهم ــ خير النّاس، وأفضل النّاس، و أذكى النّاس، و أولى من كلّ الموجودين بالقيادة والرّيادة والشّهادة والسّيادة حتى لو لم تكن مؤهّلاتهم في مستوى هذه المسؤوليات، فلسان حالهم يردّد دائما ــ في كلّ نادي ــ مقالة أستاذ فلسفة الأنانية (إبليس) عندما ظنّ أنّ عنصر النّار أفضل من عنصر الطّين فقال: ﴿ أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ﴾ حتى لو لم يكن يقصد الخيرية بالمعنى العنصري فإنّه يعتقد في نفسه الخيرية الحضارية التي تؤهّله إلى ابتداع طرق مبتكرة في حلّ المشكلات وتجاوز العقبات مثلما « اقترح » أحد ركاب السّفينة فعلى بعض الركاب القصة التي أوردها الحديث الشريف الذي رواه النّعمان ابن بشير (رضي اللّه عنه) عن رسول اللّه ــ صلّى اللّه عليه وسلّم ــ بالنّص التالي، قال: « مثل القائم في حدود اللّه والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم اعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرورا على من فوقهم، فقالوا لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإذا تركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم، نجوا ونجوا جميعا » رواه البخاري ومسلم.
فإذا استجمعنا بقيّة الرّوايات ــ بألفاظ مختلفة ولكنّها تؤكّد نفس المعنى ــ وقفنا على لوحة نبوية بديعة فيها عشرات الدّروس التّربوية التي نحن أحوج مانكون إلى مثلها اليوم، ولكنّي سوف أكتفي بالإشارة إلى أربعة منها لها علاقة مباشرة بموضوع الإيجابية تاركا بقيّة الدّروس لمناسبات أخرى.
-الدّرس الأوّل: أنت راكب معنا يا أخي: نعم كلّنا مسافرون وكلّنا نركب سفينة واحدة، ومن غير المعقول أن لايكون للسّفينة ربان (قائد) كما أنّه من الجنون والحماقة أن يتولّى قيادة هذه الرّحلة أكثر من قائد واحد: « لو كان فيهما آلهة إلاّ اللّه لفسدتا »، ومن سنن اللّه في خلقه أنّ « المسافرين » درجات (درجة أولى، وثانية، وثالثة، وأخيرة ) ومراتب ( مقدّمة، ومؤخّرة، وميمنة، وميسّرة، ووسط، وأعلى، وأسفل) وخـــــــــــــدمات ووظائف ( سائق، مساعدون له، ساهرون على راحة المسافرين، موزّعو صحف ومأكولات ومشروبات، حرّاس الرّحلة، منظّمون لحركة السّير داخل السّفينة...إلخ).
وهناك من يستغل وقت الرّحلة « ليبيع » الهدايا، وهناك من يستغل وجود « شخصيات » على متن السّفينة فيتعرّف عليهم ويتبادل معهم بطاقات الزّيارة وأرقام الهاتف والعناوين، وهناك من يحالفه الحظ فيجد نفسه جارا « لفرصة العمر » فلا يضيعها... إلخ.
المهم كلّ ذلك معقول ومقبول، وكلّ ذلك من طبيعة الرّحلة ومن مقتضيات التعارف ومن « فوائد » الأسفار، لكن بعض ذوي الأنانيات المتضخمّة يتجاوزون كلّ ذلك إلى « محاولات » فرض « شهواتهم » على كلّ الركاب، بمن في ذلك الطّاقم القيادي، وقد تأخذ هذه المحاولات الصّبيانية عدّة أشكال يجمع بينها خيط واحد هو تنغيص حياة المسافرين، منها:
-محاولة التسلّل إلى قمرة القيادة للتّشويش على القائد في مسعى لمشاركته القيادة أولا بتزازة أو إظهاره بمظهر القائد الفاشل..
-محاولة الجلوس في مقاعد ليست لهم (في الدّرجة الأولى) لإحداث إرباك في تنظيم الرّحلة وزرع الشك في قدرة المنظّمين على إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه.. وأنزل النّاس منازلهم ..
-محاولة إحداث خرق في قعر السّفينة لنزح الماء من تحت أرجلهم لاجتناب مشقّة الطّلوع والهبوط..
-كثرة التنقّل بين الرّكاب.. وكثرة الحركة في كلّ الاتّجاهات وإحداث أصوات و اقتراع حكايات والتّرويج لبعض الإشاعات لإحداث بلبلة في صفوف المسافرين، قد تصل إلى درجة التّشكيك في سلامة السّفينة، أو التّشكيك في قدرة و كفاءة ربانها (قائدها) ومساعديه، أو التّشكيك في « خريطة » السّير نفسها وفي الإتّجاهات والمواقع والأهداف .. ممّا يوهم بعض الرّكاب أنّ الرّحلة قد انحرفت عن خطّ سيرها ..إلخ
والمحاولات كثيرة، يهمّنا منها في نصّ هذا الحديث أنّ صاحب فكرة إحداث خرق في قعرها نسي أنّ آلاف الرّكاب يشتركون معه في ما يعتقد أنّه نصيبه ، فالكرسي الذي تجلس عليه ليس ملكا خالصا لك، ولست حرّا حريّة تامّة بحيث تتمدّد فتؤذي من هو جالس خلفك، وأمامك، ومن يجاورك ويشاركك المساحة المخصّصة لكلّ راكب.
الحديث يقول « فقالوا لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا.. » فهل للمسافر مع الجماعة « نصيب » خاص به في مركبة السّفر؟ وهل من كانت مسؤوليته قيادة السّفينة يكتفي فقط بالقبض على المقود والدّوْس على مداسات السّرعة والكبح؟ وهل من كان تحت مسؤوليته طعام المسافرين وشرابهم يكتفي بتوزيعه على أصحاب الدرجة الأولى ؟ وهل من الحكمة أن يسكت الركاب ( المسافرون) عن تصرفات الراغبين في إحــــــــــــــــــــداث ثقب في ما يعتقدون أنّه « نصيبهم » بحجّة عدم إذاية من هم فوقهم ـ أو إلى جوارهم ـ من إخوانهم المسافرين ؟
الجواب عن كلّ هذه التّساؤلات جاء في كلمة بليغة من المربّي الأوّل رسول اللّه ــ صلّى اللّه عليه وسلّم ــ عندما قال: « فإن أخذوا على يده أنجوه ونجوا أنفسهم وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم »
ويا سبحان اللّه:
-أنجوه، بالأخذ على يديه ومنعه من إحداث خرق في السّفينة وأنجوا بذلك أنفسهم، بهذا الفعل التّعاوني.
-وإن سكتوا، خوفا، أو طمعا، تسبّبوا في هلاك الفاعل (المجتهد) وتعدّى هلاكه إليهم فهلكوا معه، لأنّهم يركبون سفينة واحدة.
ألم أقل لكم: إنّنا نركب سفينة واحدة ؟ ! ألم اقل لكم: اضربوا على أيدي كلّ من تسوّل له نفسه إحداث خرق في قعر سفينتنا، فالضرب على يديه فيه مصلحته هو وفيه مصلحتنا جميعا ؟ ! ثمّ أخيرا، ألم أقل لصاحب فكرة خرق السّفينة: إنّنا نركب معك يا أخي، وأنت راكب معنا يا أخي.
-الدّرس الثاني: ليس المسؤول عن الرّحلة كالمسافر: هناك فرق صارح بين المسافر و المشرف (المسؤول ) عن الرّحلة، فالمسافر تهمّه ثلاثة أمور أساسية لأنّها من حقّه، والبقية نوافل.
-يهمّه أن يستمتع بسفره: راحة وخدمات.
-ويهمّه أن تصله كلّ حقوقه بدءً بحقّه في مقعده الشّرعي.
-ويهمّه أن يصل إلى وجهته سالما غانما.
فإذا « تطوّع » منظّمو الرّحلة بإضافات خدماتية أخرى، فقدّموا للمسافرين هدايا، وخرائط البلد المتوجّه إليه، ومساعدات مالية بالعملة الصّعبة، وعناوين فنادق وأماكن سياحية وثقافية ..إلخ كان ذلك أفضل وأدعى إلى تأليف القلوب وكسب « زبائن » جدد، وترسيم دعاية إشهارية لهذه المؤسّسة قد تجعلها صاحبة حظ وشهرة إذا حافظت على هذا المستوى من الخدمات.
و إذا كانت هذه « حقوق » كلّ مسافر، فإنّ من واجبه احترام « لوائح » المؤسّسة وقوانينها وطرق عملها، ومن باب أولى إحترام القائمين على تنظيم الرحلة وعلى خدمة المسافرين والسّاهرين على أمنهم وراحتهم.. ليتأكّد أمن الجميع وراحة الجميع.
فإذا ظهر من بين الركاب ــ ولو كان من أصحاب الدّرجة الأولى ــ من يحدث نفسه أن يتحوّل من مجرّد مسافر إلى مالك للسّفينة أو مسؤول عن الرّحلة وسكت « ملاّك » السّفينة والمسؤولون عنها وعن المسافرين.. سكتوا عن تصرّفات هؤلاء الرّكاب عمّت الفوضى، واختلط الحابل بالنّابل، وصار مصير كلّ المسافرين مهدّد بالغرق : « وإن تركوه أهلكواه و أهلكوا أنفسهم »
أمّا واجبات المسؤولين عن الرّحلة، فهي نفسها حقوق المسافرين الثلاثة السّالفة الذّكر، يضاف إليها واجبان آخران:
-توفير أجواء الاستمتاع بالرّحلة راحة وخدمات.
-تمكين كلّ مسافر من حقّه في المجلس والمأكل والمشرب والراحة.
-الوصول بالرّحلة وبالمسافرين جميعا إلى نهايتها السّعيدة.
-فرض الانضباط اللاّزم والاحترام المتبادل بين الرّكاب وطاقم السّفينة.
-الاجتهاد في تأمين الطّريق وحسن السّياقة وكريم المعاملات مع الجميع لكن هذه الواجبات الخمسة يجب أن تقابلها حقوق تصنع أجواء الرّحلة وتضمن أمنها وسلامتها، ومن أشدّها إلحاحا التزام كلّ مسافر بأخلاق السّفر ( فقد منعت شركات الأسفار في العالم كلّه تقريبا التّدخين أثناء الرّحلة لأنّ فيه أذى للمسافرين، وشتّان بين الأذى الذي يحدثه دخان السّجائر، وذاك الذي يتسبّب فيه دخان الفتن !)
-الدّرس الثالث: مجتمع السّلم سليم الصّدور: نحن في سفينة، ونحن فيها شركاء، فواجبنا الأوّل حمايتها من الخروق والشّقوق والثّقوب وكلّ محاولات الإرباك والزّعزعة والتّشكيك لضمان هدفين كبيرين:
-تأمين الرّحلة من كلّ تهديد داخلي أو خارجي.
-صيانة السّفينة نفسها من كلّ خرق أو ثقب.
والنّاس، عادة في أسفارهم، ثلاثة أصناف:
-قائمون على حدود اللّه، تهمّهم المصلحة العامة، حريصون على سلامة المسافرين وأمنهم، وعلى السّفينة و «طاقمها ».. فلذلك تراهم ساهرين والنّاس نيام، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، حريصين على أن ينزلوا كلّ مسافر منزلته مقدّمين ويقدّمون له الخدمة اللاّزمة لراحته وسلامته.. لايريدون من وراء ذلك جزاءً ولاشكوراً.
-وعاملون على فرض أنفسهم على سائر الرّكاب، وكأنّ السّفينة « ملك أبيهم » وبقية من فيها قراصنة ومرتزقة، وأفضلهم « عابرو سبيل » لذلك تراهم ــ طوال الرّحلة ــ يتحرّكون في كلّ الاتّجاهات منغصين حياة الرّكاب بتصرّفات لا صلة لها بآداب السّفر.
-وساكتون مؤثرون للسّلامة يهادنون أصحاب السّفينة ويداهنون الفارضين لأنفسهم على النّاس، صابرون على هؤلاء وهؤلاء بانتظار فرج قريب.
والحقّ أنّ الإيجابية لاتقبل مهادنة ولا مداهنة إلاّ لبعض الوقت، ريثما يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتعرف حقيقة ونوايا هؤلاء وهؤلاء، بل ويدرك كلّ مسافر أنّ السّلامة تبدأ بأن يجلس كلّ فرد حيث انتهى به المجلس، أو وفقا لرقم التّذكرة التي يحملها، أو حسبما أسفرت عنه نتائج القــرعة: « إنّ قوما استهموا » وكلّ مقعد قد تحدّد بموجب « قرعة » فليحترم كلّ مسافر شرعية الاقتراع ويرضى بما قسم اللّه له حتى تصل السّفينة إلى برّ الأمان.
-الدّرس الرابع: تيتانيك وجبل الجليد: كانت تيتانيك باخرة ضخمة، ولكن جبل الجليد الذي كان تحتها كان أضخم، فحطّمها وهذا معناه:
-أنّ قوّة المركبة (مهما كانت ) لا تغري أصحابها بالإبحار الأعمى دون وضع احتمالات مفاجئة لا تصمد القوّة أمامها كثيرا، فالغرور عدوّ للقوّة، والاعتماد الكلّي على الوسائل دون إيلاء الأهمّية اللاّزمة لعقيدة التوكّل على اللّه نهاياته مؤسفة.
-إنّ الغفلة عن اللّه والاسترخاء على الكراسي الوثيرة في رحلة الحياة الجارية بريح طيّبة لن تدوم طويلا لأنّ بعد الرّيح الطيّبة ريحا عاصفا توقظ النّائمين، وننبّه الغافلين وتلقّن دروسا قاسية للفرحين بما بين أيديهم من متاع الدّنيا وملذّات الحياة، وهذه هي سنّة اللّه في عباده: ﴿ هو الذي يسيّركم في البرّ والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيّبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كلّ مكان وظنّوا أنّهم أحيط بهم دعوا اللّه مخلصين له الدّين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشّاكرين فلمّا أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحقّ ﴾
ويا سبحان اللّه:
هذه طبيعة البشر لا تتغيّر ولاتتبدّل، ولا تعدل من انتهازيتها:
-إذا جرت الرّيح الطيّبة فرحوا بها.
-و إذا جاء ريح عاصف فزعوا لما يحدث.
-و إذا أحاط بهم الموج من كلّ مكان تذكّروا اللّه ﴿ دعوا اللّه مخلصين له الدّين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشّاكرين ﴾
-فإذا منّ اللّه عليهم بالنّجاة والسّلامة والأمن نسوا « بيعتهم » للّه تعالى ﴿ إنّ الذين يبايعونك إنّما يبايعون اللّه ﴾ ونقضوا عهدهم وتحلّلوا من التزامهم بالشّكر والعرفان وتحرّكوا في الأرض بمشاريع البغي: ﴿ فلمّا أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحقّ ﴾ .
والنّتيجة معروفة سلفا، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، و عليهم تدور الدّوائر في الدّنيا، ويوم القيامة حسابهم عند اللّه عسير: ﴿ ياأيّها النّاس إنّما بغيكم على أنفسكم، متاع الحياة الدّنيا ثمّ إلينا مرجعكم فننبّؤكم بما كنتم تعملون ﴾.
الخلاصة: نستخلص من هذه القصة العظيمة أنّ مقعد كلّ مسافر تحدّده نتائج القرعة، وعلى كلّ فرد ـــ داخل مؤسّسة السّفينة ــــ أن يقبل بالنّتيجة وأن يجلس حيث كتب اللّه له، وحيث خرج « سهمه»، بالاقتراع الحرّ، وليلتزم كلّ فرد بآداب السّّفر لضمان الرّاحة للجميع بالاحترام المتبادل وتقدير من هم أعلى ومن هم أسفل، ثمّ التّعاون على الضرب على يد الرّاغب في خرق السّفينة ـــ باجتهاد خاطئ منه ظنّ فيه خيرا لمن هم أعلى ولمن هم أسفل ــ فما كلّ اجتهاد قابل للتّطبيق، وإلاّ وقعنا في اجتهاد الدّب الطارد للذّباب على وجه صغيره (القصّة معروفة).
و الإيجابية الواضحة في هذه القصّة التّربوية الرّائعة هي قوله ــ صلّى اللّه عليه وسلّم ــ : « لو أنّنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا » فالنّية حسنة (تجنّب الأذى) لكن مآلاتها خطيرة إذا لم يقم الجميع بالضرب بقوّة على أيدي السّاعين في إحداث « ثقب » في قعر السّفينة لأنّ الهالك لن يكون القائد ومن معه فقط، وإنّما غرق السّفينة ومن فيها بمن فيها. ومن سمع هذا الحديث وشاهد فيلم « تيتانيك » لا يحتاج بعدهما إلى واعظ يقول له: إنّ ثقبا بحجم رأس إبرة يغرق سفينة بحجم تيتانيك، وإنّ سُكوت المسافرين عن هذا « النّاقر »في قعر سفينتهم ربما (بنية حسنة) هو موقف سلبي مآله هلاك الجميع: النّاقر والمنقور.
ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه