الطريق إلى المونديال ليس للضعفاء .. فافرحوا للنشامى
د. هاني العدوان
11-06-2025 12:13 PM
الرياضة في جوهرها لغة الشعوب التي لا تحتاج إلى ترجمة، هي ميدان تُبنى فيه الجسور لا تُهدم، وتُغرس فيه القيم لا الأحقاد، وما حدث مؤخراً من تأهل منتخب النشامى إلى المونديال كأول فريق عربي يحقق هذا الإنجاز في تاريخه، لم يكن مجرد فوز رياضي، بل كان لحظة تاريخية تختصر مسيرة من العزيمة، والإدارة الحكيمة، والدعم الشعبي والقيادي الذي وقف خلف الحلم حتى أصبح واقعاً
كان من الأجدر أن يقابل هذا الإنجاز بالاحتفاء العربي الجماعي، وأن يكون مناسبة لتوحيد الصف لا شقه، لكن البعض اختار أن يشن حملة تشكيك مسعورة، تستهدف الأردن ومنتخبه وحتى مواقفه الثابتة من القضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين وغزة، وكأن النجاح الأردني جريمة تستحق العقاب، لا إنجازا يليق بالفخر والدعم
الرياضة لا تحتمل التشكيك في النوايا، ولا تقبل أن تحمل ما لا يحتمله ميدانها الشريف، كيف يمكن لعاقل أن يشكك في بلد لم يتخلف يوماً عن نصرة إخوانه، ولم يساوم على مبادئه، ما المانع من أن نفرح بتأهل فريق عربي إلى المونديال، ألسنا من نغمر كل منتخب عربي بالتشجيع حين ينجح، ألم يكن الفرح سيكون مضاعفاً لو أن منتخباً عربياً آخر بلغ هذا الحدث التاريخي
في نهائي آسيا، خسر الأردن أمام قطر، ولم يصدر من الأردنيين إلا التهاني والمباركات، فالذي فاز هو منتخب عربي، وهذا كاف للفرح، وليلة الأمس، هبت الجماهير الأردنية كلها لتشجيع منتخب العراق الشقيق، وكانت حماستهم في المدرجات تجاه أسود الرافدين أضعاف ما كانت لفريقهم، لأن المحبة في هذا البلد لا تتجزأ، والمبادئ لا تتغير بتغير النتيجة
وحتى حين أخطأت فتاة أردنية في تعبيرها، لم يتأخر القانون، وتم تحويلها للقضاء فوراً، لأن الأردن لا يرضى بالإساءة لأشقائه، لا من فرد ولا من جمهور، ومع ذلك لا تزال مواقع التواصل تعج بالإساءة للأردن، وكأن هذا البلد لم يفتح قلبه ومدرجاته وروحه الرياضية لأشقائه العراقيين بكل ترحاب ومحبة
لماذا كل هذا الجحود، لماذا يعامل الأردن كخصم وهو الذي لم يكن يوماً إلا سنداً، تأهل النشامى إلى المونديال إنجاز عظيم، لا يقلل منه عاقل ولا يغفله منصف، هو ثمرة إدارة محنكة، وقيادة داعمة، وشعب لا يعرف المستحيل، هو شهادة على أن الرياضة ليست فقط قوة قدم، بل قوة موقف، ونقاء نية، وسمو خلق
الرياضة يجب أن تجمع، لا أن تفرق، ويجب أن تكون ساحة احترام، لا ميدان كراهية، ومن يرفض الفرح لفريق عربي لأنه لا يناسب هواه، فمشكلته مع نفسه لا مع من صنع الإنجاز
الأردن سيبقى كبيراً بأخلاقه، وفياً بمواقفه، نقياً في انتمائه، شامخاً رغم محاولات التشويه، ومنتخبه سيبقى رمزاً لفرصة أحسن استغلالها، ودعم شعبي لم يتوان، وقيادة ترى في الرياضة رسالة وطن وكرامة شعب
هذا هو الطريق إلى المونديال، طريق من لا يعرف إلا كيف ينتصر باحترام، ويخسر بكرامة، ويعامل الجميع بأخلاق الفرسان