اظن ان الشعوب العربية في مشارق الوطن ومغاربه تناقش في دواوينها ومجالسها واحيانا على وسائل التواصل المتاحة رزمة من الأسئلة الجوهرية المتعلقة بموقع ومكانة الأمة العربية على خريطة العالم ؟ وموقف الانظمة والشعوب من الصراعات الدائرة على حدود ديارنا؟ وفيما اذا ما زالت الأمة أمة عربية واحدة كما تعلمنا وعشنا وحلمنا ؟ ومستقبل هذه الامة في ظل ما يجري من طمس وإلغاء لكل ما يشير الى ماضيها ويرتبط بتاريخها الحضاري الأخلاقي واسهاماتها في تقدم البشرية عبر ما يزيد على عشرة قرون.
على وقع انفجارات الصواريخ وأصوات محركات المقاتلات التي تجوب سماء البلاد وفي الخلفية صور النيران التي تشتعل في تل أبيب وطهران واختفاء اصوات الامة التي يمتد نفوذ حكوماتها على مدى المسافة الفاصلة بين ايران وفلسطين المحتلة شدني اليوم اللقاء الذي نظمته الجمعية العربية للثقافة والعلوم في مقرها الكائن في عمان الغربية.
اللقاء الذي حمل عنوان تبادل التهاني بالعيد وخصص لاستذكار سجايا الراحل المرحوم الشيخ عوض نصير عضو الجمعية البارز واحد رجالات الشمال والاردن وقيادات الامن العام الذي رحل عن الدنيا بعد حياة حافلة بالحضور والبذل والعطاء ،
بالرغم من اني لست عضوا في الجمعية التي اسسها ويقودها نخبة من ابناء الاردن الاكفاء الغيورين الا اني سعدت بالمشاركة التي اتاحت لي التواصل مع العشرات من رموز الثقافة والفكر والسياسة في الاردن الذي نحب.
لاحترامي البالغ لصاحب الذكرى ورغبتي في التعبير عن ما يدور في اذهاننا هذه الأيام ونحن نرقب تردي اوضاع الامة وتخاذلها الذي اتاح للصهيونية ورعاتها ان يمارسوا مستويات غير مسبوقة من الاستعراض و الغطرسة و الوحشية على مرآى ومسامع الشعب العربي الذي لم يعد يملك من أمره شيئا بعدما حدد الاغنياء اولوياتهم وانشغل الفقراء في ادامة استراتيجيات البقاء .
غالبية الانظمة العربية حسمت خياراتها منذ زمن بعيد وتخلى الكثير منها عن الحلم العربي وقطع صلته بالماضي اما الشعوب المغلوب على امرها فهي لا تملك الى الدعوات والصلوات بان يحمي الله الأوطان ويكسر شوكة الأعداء.
ومع اني كنت ولا ازال اعتقد ان مصائر الامم وقضاياها الكبرى لاتحسم بالدعوات والابتهالات ولا بالتنازلات والاذعان فإني انظم من وقت الى اخر الى جموع المؤمنين بربهم فادعو مع الداعين وابتهل مع المبتهلين .واضرع الى الله ان يحمي بلادنا وامتنا وشعبنا ويكفي بلادنا الشرور الظاهرة والباطنة.
نعم ، نحن ابناء الجيل الذي حفظ الاشعار التي تغنت بالعروبة ومجدت الهوية واشعلت الرغبة بالاستقلال وغذت حركات النهوض العربي انا وجيلي لا نزال نتشبث بالحلم الذي لازمنا بان تنهض الامة وتملك زمام أمرها وتتذكر انها كانت رائدة في خلقها وعلمها وقوتها.
كنا ولا زلنا نمقت الظلم ونكره الاستبداد والاستسلام ونمارس الحرية ونرى ان لها بابا غير الابواب التي نسلكها (و للحرية الحمراء باب .... بكل يد مضرجة يدق )
لقد سئمت الاستماع إلى المحللين الذين لا هدف لهم إلا ضرب روحنا المعنوية وشيطنة كل ما يمكن ان يشير الى الأسس التي بنيت عليها حضارتنا ونهضت من خلالها أمتنا.
في عالمنا اليوم قوى استعمارية تحتقر العرب وتشيطن التدين وهي مدججة بمشاعر الاحتقار والفوقية تمارس اذلالنا وتدنيس رموزنا وتتفيه احلامنا وخفض توقعاتنا وغسل ادمغتنا ودعم من يخدمون أغراضهم لزرع الفتنة وتغذية الفرقه ومنع ان تقوم للامة قائمة .
الصهيونية التي نصبت من نفسها مدافعا عن العالم الحر ووسمت أمتنا بكل السمات التي تجعل العالم يعاديها بعدما نحتت مفاهيم الارهاب والصقتها بنا . ومهدت الى وصف كل من بنتقدها بمعادات السامية وطردت وقتلت واذلت الشعب الفلسطيني بعدما صاغت خطابا يجرم المقاومة ويمجد العمالة والاستسلام..
المنطقة التي نحن فيها وكامل الشرق الاوسط اصبحت ملعبا خلفيا للصهاينة الذين يلهون ويلعبون ويغامرون دون أن يخشوا احد فالادارة الامريكية تابعة لإسرائيل وليست موجها لها .
الرحمة لروح الشيخ عوض نصير والشكر للجمعية العربية للعلوم والثقافة وتحية لابناء الامة الذين يتمنوا ان تتحقق أحلامهم بنهوض الامة زالامساك بزمام مستقبلها ومصيرها