امتحان "الثانوية العامة" والسعي لكسب الرهان
فيصل تايه
19-06-2025 09:17 AM
تنطلق اليوم الخميس التاسع عشر من تموز "يوليو" مجريات امتحان شهادة الدارسة الثانوية العامة لعام ٢٠٢٥ / الامتحان العام ، والتي تشمل جيلين من الطلاب ، وهم طلاب الصف الثاني عشر على النظام القديم ، وطلاب الصف الحادي عشر الذين يتقدمون للنظام الجديد لأول مرة ، اذ بلغ عدد المشتركين هذا العام وحسب ما اعلنت عنه ادارة الامتحانات والاختبارات في وزاره التربيه والتعليم نحو "٣٤٦" ألف طالب وطالبة ، اذ يعتبر هذا العدد :الاكبر" على الاطلاق في تاريخ امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ، حيث يتقدم "٢١٠" آلاف طالب من الصف الثاني عشر موزعين على "٨٢٦" مركز امتحاني، فيما يتقدم "١٣٦" ألف طالب من الصف الحادي عشر موزعين على "٥٨٢" مركزاً ، كما وكانت الوزارة قد اعلنت في وقت سابق انتهاء كافة الإجراءات اللوجستية والاستعدادية خاصة ما هو متعلق بتهيئة الأجواء النفسية المريحة والمناسبة والهادئة لهذه الاعداد الكبيرة من ابنائنا وبناتنا الطلبة ، والتي تبعث على الطمأنينة لإجراء الامتحان ، اذ من الملاحظ مضاعفة الجهود لهذه الدورة من قبل الطواقم العاملة ، مع التاكيد كما هو في كل عام على صوابية الإجراءات الكفيلة بانجاح هذا العمل بكل همة ومسؤولية ومع اهمية هذه الامتحانات خاصة على المستويات التحصيلية للطلبة .
اننا نعي تماماً انه ومهما تغيرت الظروف والاحوال التي نسعى من خلالها الى تحديث منظومة الثانوية العامة ، فما يهمنا هو الحفاظ على هذا "الإرث التاريخي" المتمثل بامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ليبقى بنفس المكانة ، امتحاناً وطنياً سيادياً ، نكافح من أجل رُقِيِّه وتسعى الى تطويرِه ، حيث أن هذا الامتحان يعكس بالضرورة التطلعات والطموحات وتحقيق الآمال والأهداف التربوية المنشودة ، فهو نتاج عمليات تربوية تراكمية استمرت على مدى ١٢ عاماً دراسياً ، وصولاً الى تشكيل هذا النتاج ، والذي هو هدف من الأهداف العليا التي نطمح لها ، لذلك من الضروري أن تبقى عملية تقويم الطالب في نهاية المرحلة الثانوية موضوعية ودقيقة وصادقة وتخضع لأسس ومعايير تربوية سليمة .
اننا ونحن نتحدث عن مرحلة مهمة من حياة أبنائنا الطلبة وهم مقبلون على الدخول إلى قاعات الامتحان ، فمع سيطرة العامل النفسيّ والتراجيديّ في ترقب أداء فلذات أكبادها ما زالت الأسر الأردنية تستنزف من رصيدها العاطفيّ واهتماماتها الكثير ، لذلك فمن واجبنا استغلال طاقاتنا الايجابية لزرع رسالة طمأنة محصنة بالذكاء العاطفي لكافة اولياء الامور والطلبة ، يكون مضمونها الكلمة الطيبة في نفوس عطشى لنسقيها بحب و اهتمام وثقة بالنفس ، ولتجعل قلوبهم تنتشي راحة وهداة بال وثقة ، كما ولا بد من ان نزرع فيهم مزيداً من التفاؤل بالمستقبل في ديمومة الحياة المعاصرة ، فنحن نحتاج الأن الى الابتعاد عن العصف التوتري الذي يعبد الطريق نحو المنطق التخوفي المستشري الذي يربك الطلبة ويوترهم ، رغم ان طلبة الثانوية العامة يترقبون ما ستحمله لهم الأيام القادمة ، والتي لا يمكن تجاوزها إلا بالإرادة القويّة ، فما نحتاجه الابتعاد عن رفع منسوب رهبة الامتحانات لدى بناتنا وأبنائنا في هذا الوقت .
كما ويجب التذكير ان امتحانات الثانوية العامة هي امتحانات تحكمها الخطوط العريضة الموضوعة والأهداف التربوية المأمولة ، إضافة إلى معايير عمليات التقويم والقياس التي تنص على الشمولية في الاسئلة وتنوعها وتوافقها مع مستويات التفكير العقلية عند بناء التقييم، لتميز الطلاب بعدالة ، وأحقية الطالب المتفوق للتميز الذي يرسم لنا صورة مشرقة للنظام التعليمي الأردني ، فالامتحانات بالمجمل تناط بدور الخبرة ، وثقتنا عالية بدار خبرتنا المتمثلة بإدارة الامتحانات والاختبارات بوزارة التربية والتعليم ، والمشهود لها ذلك على مدى تاريخها الذي هو بعمر الأردن ، فما يهمنا المحافظة على السمعة الطيبة لامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ، والأخذ بالإجراءات الكفيلة بالحفاظ على مستواه القياسي المأمل ، ذلك من أجل ضمان مستقبل أبنائنا الطلبة في مختلف نواحي الحياة العملية والاكاديمية .
هذا اليوم الجميع يراهن على نجاح وزارة التربية والتعليم في تجاوز هذه المهمة الوطنية الكبيرة خاصة مع البدء بتطبيق نظام الثانوية العامة الجديد مع تشعب المهام والمسؤوليات ، والتعامل مع هذه الاعداد الضخمة من الطلبة ، لذلك "انا اقول" ان علينا أن نطمئن لإجراءات وزارة التربية والتعليم التي تتبعها كل عام فما طرأ ما هو الا مزيد من المسؤولية مع توفر الخبرة والكفاءة والكوادر المؤهلة ، فقد تضمنت التوجيهات مزيد من الحرص بالمسؤولية لكوادرها من المشرفين والمراقبين لتوفير الظروف المناسبة ومنح الطلبه المزيد من الوقت لتهيئتهم نفسيا في القاعات ، وذلك قبل توزيع ورقة الامتحان ، والعمل ما امكن لتهدئة الطلبة وتحقيق نوع من الألفة ما بينهم وبين المكان ، علاوة على منحهم المزيد من الوقت الاضافي بعد الامتحان ، ما من شأنه تعزيز الشعور بالهدوء النسبي والسكينة ، ما يمنح الطلبة شعوراً بالأمان .
بقي ان اقول لطلبتنا الاعزاء ان الإرادة الصادقة لكل واحد فيكم ، تشبه قوّة خفيّة تسير خلف ظهره، وتدفعه دفعاً للأمام على طريق النجاح، وتتنامى مع الوقت حتّى تمنعه من التوقّف أو التراجع ، فلا شيء ضروري لتحقيق النجاح بعد التوكّل على الله أكثر من المثابرة والجد والاجتهاد لأنّها تتخطى كل العراقيل ..
وفقكم الله وسدد على طريق الخير خطاكم
متمنيا لكم النجاح والتفوق