في زمن يحتاج فيه الوطن إلى من يضيء شمعة في صمت ويترك أثرًا دون ضجيج يأتي تكريم المهندس محمد البلاونة كصورة ناصعة للعدل حين يتحقق وللوفاء حين يُردّ إلى أهله .
فحين تُكرم جمعية عون الثقافية الوطنية مدير عام مؤسسة الإقراض الزراعي فإنها لا تكرم شخصًا بقدر ما تكرم إنجازًا وتجسد تقديرًا مستحقًا لرجل أعاد رسم ملامح مؤسسة كانت على هامش الفعل فصارت في عهده جزءًا أصيلًا من معادلة التنمية الزراعية في الأردن .
لم يكن تكريمه مجاملة شكلية ولا لفتة بروتوكولية، بل جاء استحقاقًا صادقًا لرجل ميداني يعرف الأرض ويخاطب حاجاتها رجل شق طريقه بالإصرار لا بالخطابات واختار أن يكون التغيير هادئًا لكنه عميق متدرجًا لكنه ثابت .
منذ تسلمه قيادة المؤسسة قاد تحولًا نوعيًا في دورها فجعل منها ذراعًا فاعلة في الاقتصاد الريفي تبني وتساند وتستجيب لاحتياجات المزارعين وتدفع بعجلة الزراعة إلى الأمام .
عمل على تطوير أدوات التمويل وتوسيع قاعدة المستفيدين وتبسيط الإجراءات فلامس إنجازه كل من لجأ إلى المؤسسة يومًا بحثًا عن دعم أو أمل وتجلى أثره ليس في الأرقام فقط بل في وجوه الفلاحين وفي القرى التي عادت تنبض بحياة اقتصادية جديدة بفضل قروض أُحسن توجيهها وسياسات أُعيد ضبطها بروح التنمية لا الجباية.
وما كان لهذه المسيرة أن تتسارع لولا وجود قيادة وزارية حكيمة متمثلة بمعالي المهندس خالد الحنيفات الذي آمن بالكفاءات الوطنية وفسح لها المجال لتبدع وتعمل فكانت الثقة في محلها وكانت النتائج ناطقة باسم الجهد والإنصاف والصدق .
تكريم محمد البلاونة هو رسالة بأن الوطن لا يغفل عن المخلصين وأن المؤسسات يمكن أن تتغير حين توضع في أيدٍ تعرف قيمتها ورسالتها وأن الإنجاز حين يقترن بالتواضع يزداد جمالًا وتأثيرًا.
لم يسع الرجل إلى الشهرة ولم يطلب ثناء لكنه استحقه لأنه أنجز بتفانٍ وصدق وترك بصمة في زمن قلت فيه البصمات الصادقة .
هنيئًا له بهذا التكريم الذي طال من يستحق وهنيئًا لجمعية عون الثقافية بهذا الحس الوطني الرفيع وهنيئًا للأردن برجال يصنعون الفرق بلا منة ويغرسون الأثر بعيدًا عن الأضواء لكنهم حين يظهرون يضيئون .