حين نصنع من التفاصيل التّافهة أعمدة للخلافات
هبة الكايد
24-06-2025 02:35 PM
كثيرةٌ هي المواقف التي تجعلك تصطدم بما يُسمّى بحيرة التّصرف، فتصبح غير قادر على اتّخاذ قرار في تلك اللّحظة التي تقف فيها مصدومًا متفرّجًا؛ قد تصرخ أحيانًا، وقد تحاول التبرير، أو تصمت، وربما - لوهلة - تشرُد بذهنك إلى مدى بعيد، غير قادر على إظهار أيّ ردّة فعل.
كم هو مؤسف أن يتمسّكَ البعض بتفاصيل ليس لها قيمة، وسلبيات صغيرة، ليجعلوا منها قضايا كبرى، ويهدروا على أعتابها أجمل ما في العلاقات من دفء ومحبّة وصدق.
نعم، التفاصيل مهمّة، لا أحد يُنكر ذلك، ولكن ليست كلّ التفاصيل تستحق أن تُنصَّب عرشًا، أو تُشعل معركة، أو تُبنى حولها أسوار من الجفاء.
حين نغضّ البصر عن الصورة الكبرى، عن المظلّة الأوسع التي تجمعنا، عن تاريخ طويل من الطُهر والمواقف الصادقة؛ فنحن نخسر شيئًا أثمن من "الحق" في لحظةِ غضب، نخسر قلوبًا نادرة، وخيوطًا من الودّ يصعب أن تُنسَج من جديد.
وبالتأكيد، العلاقات العظيمة لا تنكسر بسهولة، لكنّها قد تتآكل إن أصرَرْنا على تجسيد الهفوات، وتضخيم الزلّات، وتغذية السلبيّة حتّى تكبر وتتوحّش.
لا بأس أن نعاتبَ، أن نطلبَ التوضيح، أن نحرصَ على كرامتنا؛ لكن دون أن نغتالَ نُبل العلاقة، ودون أن ننسى من نُعاتب، وما هي قيمتهم في حياتنا... ولا ضَيْر لو تجاوزنا مع أحبّتنا ما لا يستحق البقاء في الذاكرة.