facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خداع طلبة التوجيهي .. وصدمة الامتحان


م. وائل سامي السماعين
28-06-2025 11:53 PM

مع بداية كل موسم امتحانات للثانوية العامة في الأردن (التوجيهي)، تتكرر المشاهد ذاتها: انفعالات متوترة، شكاوى متصاعدة من صعوبة الأسئلة أو اختلافها عما هو متوقع، وتغطيات إعلامية تميل أحيانًا إلى التهويل. وسرعان ما تُوجَّه سهام النقد إلى وزارة التربية والتعليم، باعتبارها المسؤولة المباشرة عن "صدمة الامتحان". لكن الحقيقة التي يتم تجاهلها كثيرًا هي أن خداع الطالب يبدأ في وقت مبكر، وقبل دخوله قاعة الامتحان، وتحديدًا من بعض المراكز التعليمية الخاصة.

في كل عام، تفيض منصات التواصل الاجتماعي بموجات من الانطباعات الغاضبة أو المتوترة التي يعبر من خلالها الطلبة وذووهم عن استيائهم من الامتحان. إلا أن معظم هذه الانطباعات لا تستند إلى أسس علمية أو تربوية، بل ترتبط غالبًا بالضغط النفسي الذي يرافق هذه المرحلة، ولا يمكن اعتمادها لتقييم جودة أو عدالة الامتحانات. فالحكم الموضوعي على الامتحان لا يتم عبر التغريدات أو المقاطع المصورة، بل عبر دراسات علمية وتحليلات تستند إلى بيانات الأداء، ومعايير القياس المعتمدة.

الخطر الحقيقي يتمثل في أن بعض المراكز التعليمية تلعب دورًا رئيسيًا في تضليل الطلبة من خلال تقديم محتوى دعائي يغري بالاشتراك ويَعِد بـ"الأسئلة المتوقعة" أو "النماذج المؤكدة". بل وتذهب بعض هذه المراكز إلى حد تصميم امتحانات تجريبية سهلة ومباشرة، لا تعكس الواقع ولا تراعي معايير الامتحان الوزاري، مما يمنح الطالب ثقة زائفة وقدرة وهمية على التعامل مع التحدي الحقيقي.

وعندما يتفاجأ الطالب بمستوى مختلف كليًا في الامتحان الرسمي، يدخل في حالة من الصدمة والإحباط، ويشعر وكأنه وقع ضحية مؤامرة، فتتجه الاتهامات نحو الوزارة، بينما الجهة التي خدعته فعليًا كانت من أوهمته سابقًا بأن النجاح مضمون.

هذا النوع من الخداع لا يمكن التغاضي عنه، ويجب أن يخضع للمساءلة القانونية. فبيع الأوهام للطلبة والتلاعب بآمالهم ليس فقط سلوكًا غير تربوي، بل هو تعدٍ على حق الطالب في تعليم حقيقي وتقييم عادل. ومن هنا، يجب أن تُلزم هذه المراكز التعليمية بالتالي:

• الترخيص الرسمي والتدقيق المستمر في برامجها وأساليب تدريسها.
• مراقبة محتوى الامتحانات التجريبية ومدى توافقها مع معايير وزارة التربية والتعليم.
• محاسبة كل جهة أو شخص يروج لمعلومات مغلوطة أو يعِد بنتائج وهمية، بما في ذلك المعلمين أو المسوقين الذين يضللون الطلبة.

وإذا أردنا كسر هذه الحلقة المفرغة، فلا بد من اتخاذ خطوات إصلاحية شاملة، أبرزها:
1. إنشاء مرصد وطني لتقويم الامتحانات، يصدر تقارير تحليلية سنوية مبنية على أداء الطلبة، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي.
2. فرض ميثاق إعلامي تربوي، يمنع استغلال امتحانات التوجيهي للتحريض أو التشهير، ويشجع على الطرح المتوازن القائم على الحقائق.
3. تفعيل قنوات الطعن والتظلم، بشكل يضمن للطلبة الشعور بالإنصاف وإمكانية مراجعة نتائجهم بطريقة شفافة.
4. إطلاق آلية وطنية موحدة للامتحانات التجريبية، تنظمها الوزارة وتراقب جودتها في المدارس والمراكز التعليمية.
5. الملاحقة القضائية لكل الذين يبيعون الاوهام للطلاب بغرض التربح المالي .

إن إصلاح واقع التوجيهي لا يجب أن يقتصر على شكل الامتحان أو آلية التصحيح، بل يجب أن يبدأ من بيئة الإعداد والتدريب التي يعيشها الطالب. فالبيئة التعليمية التي تزرع الثقة والمصداقية وتلتزم بمعايير العدالة هي وحدها القادرة على تخريج طالب مؤهل نفسيًا وعلميًا لخوض امتحان مصيري كالـ"توجيهي".

وفي النهاية، المعركة ليست ضد الوزارة، بل ضد التضليل، وضد تسويق النجاح كسلعة تجارية. وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في بناء منظومة تعليمية تحترم عقل الطالب، وتعدّه للواقع لا للوهم.

waelsamain@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :