رؤية الملك… الأردن يخطّ أول سطور الاقتصاد الأزرق في المنطقة
المحامي سلطان نايف العدوان
01-07-2025 06:58 PM
في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات في نيس، أعلن جلالة الملك عبد الله الثاني التزام الأردن بإطلاق مبادرة العقبة للاقتصاد الأزرق، إلى جانب إنشاء مركز عالمي لدعم المحيطات.
كان الخطاب إعلانًا بأن الأردن يملك ما يكفي من الرؤية ليكون شريكًا فاعلًا في صياغة مستقبل التمويل والاستدامة.
الملك تحدث عن تحويل التحديات إلى فرص، من خلال العلم والمعرفة والشراكات الذكية. قالها بوضوح: تبنينا في الأردن، العلم والمعرفة كأداتين للتحول الإيجابي، مؤكدًا أن شعاب العقبة ليست فقط إرثًا طبيعيًا، بل مختبر عالمي لإنقاذ الشعاب المرجانية.
في هذا السياق، قدّم جلالته الأردن كنموذج فريد في تحويل المنابر الدولية إلى فرص استراتيجية، ووضع المملكة في مقدمة الدول المبادِرة في هذا المجال.
تقرير البنك الدولي الصادر في مايو 2025 لم يقدّم وصفًا بيئيًا، بل كشف عن خلل عالمي: التمويل الأزرق لا يزال أقل من 1% من التمويلات المناخية.
المشكلة ليست في الموارد، بل في غياب الأطر القانونية التي تجعل هذه الموارد قابلة للتمويل، وقابلة للثقة.
العقبة هنا لا تبدو مجرد مدينة ساحلية.
إنها نقطة جذب استراتيجية، يمكن أن تمثّل المختبر الوطني الأول لتحويل الأصول البيئية إلى أدوات مالية تربط الحياة البحرية بقدرتنا على إدارة ملف الاستدامة بكفاءة.
فشعاب العقبة ليست فقط جمالًا طبيعيًا، بل أصول نادرة، ومقاومة مذهلة للتغير المناخي بشهادة مراكز بحث دولية.
يمكن أن تصبح بنكًا جينيًا، ومختبرًا للعلم والتمويل معًا، وفرصة لربط حماية الطبيعة بتخفيض كلفة الاقتراض.
وما يلفت الانتباه في تقرير البنك الدولي أن دولًا بشواطئ أقصر من العقبة بادرت بالفعل وأطلقت أدوات تمويل أزرق، ليس لأنها أغنى، بل لأنها سبقت في تهيئة البيئة المؤسسية وتقديم المشاريع القابلة للتمويل.
هنا، لا نحتاج البدء من الصفر، بل قراءة تجاربهم ومواءمتها مع الرؤية الملكية.
وعند مراجعة تقرير إنجازات الربع الأول لعام 2025، يلاحظ غياب التحديث في ملفات استراتيجية كالمياه، ما يُبرز أهمية تسريع وتيرة الأداء التنفيذي في الملفات البيئية والتمويلية المتقاطعة، لا سيما في ظل الالتزامات المناخية الدولية.
العقبة قادرة على أن تكون من أولى المدن العربية التي تصدر سندًا أزرقًا مخصصًا لمشاريع إدارة المياه، تحسين الشواطئ، أو تطوير البنية التحتية البيئية.
المطلوب اليوم لجنة وطنية متخصصة تراجع البيئة التشريعية للعقبة، وتبدأ بإعداد حافظة مشاريع قابلة للتمويل وفقًا للمعايير الدولية.
فالربط بالمستهدفات المناخية العالمية ليس ترفًا تنظيميًا، بل شرط أساسي للتمويل من الجهات المانحة وشركاء التنمية.
وراء ملف التمويل الأزرق – كما الأخضر – ليس فقط فرصة مالية، بل اختبار لقدرتنا على اختيار التوقيت المناسب، والأداة المناسبة، والكلفة المناسبة.
دولة الدكتور جعفر حسان يقود هذا البرنامج الوطني بإدراك دقيق لمسؤولية التحول.
والمرحلة القادمة تتطلب إعادة تعريف العلاقة بين السياسات البيئية والمالية، واعتبار البيئة موقعًا استراتيجيًا في بنية الدولة، لا ملفًا ملحقًا بها.
ومن ينجز هذا التحول… لا يحمي العقبة فقط،
بل يرسّخ مكانة الأردن كركيزة إقليمية لمبادرات الاقتصاد الأزرق، ونقطة انطلاق ذكية نحو استدامة تُبنى من الشرق.