دولة الروابدة يجب ألا يتوقف عن الكلام
م. سالم خصاونة
08-07-2025 08:23 PM
حين يتحدث دولة عبد الرؤوف الروابدة فإن الوطن يستعيد وعيه وتستيقظ ذاكرته وتتسع زاوية الرؤية لتشمل ما هو أعمق من الحدث وأبعد من اللحظة فالرجل لا يتكلم من فراغ ولا يكتب بحثًا عن الضوء بل ينطق بما تمليه عليه تجربته وتاريخه وحرصه الذي لا يهدأ على هوية الدولة وصحة مسارها .
في كتابه الأخير "شذرات من تاريخ الأردن" لا يدوّن الروابدة ذكريات شخصية بل يوثّق محطات مفصلية في تاريخ الوطن كما عاشها لا كما يُعاد إنتاجها يضع أمام الأجيال الجديدة صورة نزيهة للمرحلة خالية من التجميل والتزوير نابعة من شهود العيان لا من خيال المؤدلجين أو رغبات الموجهين .
هو يدرك كما كتب وتحدث أن هناك أجندات سوداء تعمل بصمت وأدوات ناعمة تحاول تشويه التاريخ الأردني وتسخيف رموزه وخلخلة القيم التي قامت عليها الدولة يدرك أن الحرب الحقيقية ليست دائمًا بالسلاح بل بالكلمة المسمومة والمعلومة المضللة والذاكرة المعدلة حسب الطلب ولذلك فإن كلماته ليست تحذيرًا عابرًا بل صرخة صادقة من رجل عرف موقع الخلل ووقف أمامه بضمير ومسؤولية .
دولة عبد الرؤوف لم يكن يومًا طارئًا على الدولة بل أحد بنائيها خبر دهاليز الإدارة وفهم مزاج الناس وواجه التحديات من مواقع القرار وتحمل كلفة قول لا حين كان غيره يقول نعم بحثًا عن رضا مؤقت أو مكسب آني ولهذا حين يتكلم اليوم عن تراجع الإدارة أو هشاشة بعض الممارسات أو تهديد الهوية فهو لا يزايد بل يصدق .
يؤمن أن إصلاح الدولة يبدأ من داخلها من مؤسساتها من كفاءة موظفيها من عدالة قراراتها من شفافية ممارساتها ويرى أن غياب الإدارة الواعية أخطر من أي تهديد خارجي لأن الداخل حين يهتز يفقد قدرته على الصمود مهما كانت التحديات .
وهو حين يكتب كما فعل في شذرات فإنه لا يكتب لنفسه بل للأجيال التي لم تعش البدايات ويريد لها أن تعرف الحقيقة من مصدرها لا من مرآة معوجة أو حكاية مبتورة الكتاب ليس مجرد عرض لأحداث بل قراءة وطنية صادقة لما كان وتأمل في ما نحن عليه وتحذير مما قد نصل إليه إن استمر الغياب وغلبت الأصوات الزائفة .
لذلك كله يجب أن لا يتوقف دولة عبد الرؤوف الروابدة عن الكلام يجب أن يبقى هذا الصوت حاضرًا نقيًا جريئًا لا يجامل ولا يناور لأننا بحاجة إلى الصدق في زمن المجاملة وإلى العمق في زمن السطحية وإلى التاريخ كما هو لا كما يراد له أن يكون .
شذرات من تاريخ الأردن ليست خاتمة حكاية بل بداية نقاش وطني صادق مع الذات ودولة عبد الرؤوف يجب أن يبقى في هذا النقاش شاهدًا ومُحذرًا وصوتًا لا يُشترى ولا يُقصى.