عمون - بدعوة من المجلس الإسلامي في سنغافورة (MUIS) وجه مفتي سنغافورة دعوة لمركز الفلك الدولي في أبوظبي لإقامة ورشة عمل وورشة تدريبية لأعضاء المجلس وعدد من الفلكيين والطلبة حول عدد من المواضيع المتعلقة برؤية الهلال ومواقيت الصلاة.

والمجلس الإسلامي في سنغافورة هو جهة حكومية تمثل المسلمين في سنغافورة، وهي الجهة المعنية بالإعلان الرسمي حول بداية الأشهر الهجرية ولحساب مواقيت الصلاة في سنغافورة، ويتبع جميع المسلمين في سنغافورة الإعلان الرسمي الصادر عنها.

وقد أقيمت ورشة العمل يوم الإثنين 7 تموز، حيث افتتحها سماحة مفتى سنغافورة الدكتور نذير الدين محمد نصير، وتبعه محاضرة لمدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عودة، حيث قدم عرضا تفصيليا حول تقنية التصوير الفلكي للهلال، وأثرها على معايير رؤية الهلال وعلى التقاويم الهجرية، حيث تعتمد كل من إندونيسيا وماليزيا وبروناي وسنغافورة معيارا موحدا لتقويمها الهجري يسمى (MABIMS) وهو اختصار أسماء الدول الأربعة، واعتبارا من العام 2021م اتفقت الدول الأربعة على تعديل قيم المعيار التي وضعت عام 1992، ليصبح شرط بداية الشهر في التقويم هو أن تكون استطالة القمر أكبر من 6.4 درجة، وبعده عن الأفق أكثر من 3 درجات. وتم استخلاص هذه القيم من بحث نشره المركز عام 2005 وجمع فيه 737 رصدا للهلال وبين أن أصغر قيمة لاستطالة هلال أمكنت رؤيته بالتلسكوب كانت 6.4 درجة.

وجرى خلال ورشة العمل في اليوم الأول مناقشة مواضيع أخرى مثل الفرق بين الحسابات المركزية والسطحية للهلال، وكيفية تأثير تقنية التصوير الفلكي واختلاف الحسابات السطحية والمركزية على وحدة الدول الأربعة في تحديد بدايات الأشهر الهجرية، حيث أدت هذه المواضيع إلى اختلاف بداية الأشهر الهجرية بين هذه الدول أحيانا، وما صحب ذلك من استياء بين بعض المسلمين لهذا الاختلاف، وجاءت هذه الورشة لتوضيح الحقائق وإيجاد الحلول المناسبة لضمان وحدة بداية الأشهر الهجرية في دول المنطقة.

ويشار إلى أن الدول الأربعة تبدأ الأشهر الهجرية بناء على ما هو مدون مسبقا في التقويم عدا شهر رمضان وشوال وذي الحجة، حيث تعتمد كل من بروناي وإندونيسيا وماليزيا على رؤية الهلال المحلية، في حين تستمر سنغافورة على اعتماد التقويم حتى في هذه الأشهر، لتكون بذلك هي وتركيا الدول الوحيدة التي تبدأ جميع الشهر بناء على تقويم معد مسبق ومبني على رؤية الهلال، وهذا يوافق بين المطلب الشرعي في رؤية الهلال وبين الاستئناس بالعلم لتحديد بدايات الأشهر الهجرية بشكل واضح ومسبق.

وفي اليوم الثاني قدم المهندس محمد عودة ورشة تدريبية مفصلة لكيفية استخدام برنامج "المواقيت الدقيقة"، وهو برنامج حاسوب يمكن استخدامه للعديد من مسائل الفلك الشرعي، حيث بينت الدورة كيفية استخدامه لحساب مواقيت الصلاة ولتحديد اتجاه القبلة، ولحساب إمكانية رؤية الهلال، ولإعداد تقويم هجري. وسبق ذلك شرح موسع حول المفاهيم الأساسية المتعلقة بمواقيت الصلاة ورؤية الهلال.

وفي ختام اليوم الثالث جرت زيارة المرصد الفلكي في مدينة العلوم، وهو يضم أكبر تلسكوب في المنطقة، وقام مدير المرصد الدكتور "لي سونج تشون" بالتعريف بأهم أنشطة المرصد، وجرى مناقشة سبل التعاون المشترك بين مرصد سنغافورة ومرصد الختم الفلكي في أبوظبي للقيام بأرصاد وأنشطة فلكية مشتركة.

ويأتي هذا التعاون العلمي بين المجلس الإسلامي في سنغافورة ومركز الفلك الدولي ليعكس أهمية تبادل الخبرات وتعزيز التواصل بين المؤسسات الفلكية في العالم الإسلامي، كما يسهم في تعزيز دقة التقاويم الهجرية وتوحيد بدايات الأشهر. ويمثل هذا التعاون أيضًا تجسيدًا لمكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمنارة إقليمية في علم الفلك، ويبرز تميزها في توظيف المعرفة الفلكية لخدمة القضايا الشرعية، مما يعزز من حضورها العلمي على الساحة الدولية ويؤكد ريادتها في تطوير أدوات الفلك الشرعي والتقويم الهجري.