facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جدلية "تصريحات الوزير" وانعكاساتها المتوقعة


فيصل تايه
10-07-2025 12:14 PM

تصريحات وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي الدكتور عزمي محافظة أثارت موجة من التساؤلات ، في معطيات خطيرة عن وجود اختلالات بنيوية يعاني منها البحث العلمي ، وعن جودة النشر الأكاديمي داخل الجامعات حسب المعايير الدولية ، والتي تجعل من الجامعات في فئة الجامعات ذات المخاطر المرتفعة وفق مؤشر النزاهة العلمية ، تلك التصريحات جاءت بعد أسابيع من حصول جامعات أردنية على مراكز مختلفة بعد ان كشف تقرير مؤشر النزاهة في البحث العلمي "RI²" الخاصة بالنصف الأول من عام "٢٠٢٥" .

تصريحات الوزير وصفها بعض الأكاديميين بانها تتضمن موقف يُحسب له ، وقد أبدى من خلالها شفافية وجُرأة لافتة في تعليقه على نتائج مؤشر النزاهة البحثية الأخير هذا ، والذي صنّف الجامعات الأردنية في مستويات حرجة من حيث التزامها بالمعايير الأخلاقية في البحث العلمي ، ذلك في وقت كان من الممكن فيه تجاهل النتائج أو التقليل من شأنها، لكن الوزير "محافظة" فضّل أن يتعامل مع التقرير بواقعية مسؤولة وحرص وطني ، في تأكيد منه أن مواجهة التحديات أفضل من دفن الرأس في الرمال ، وأن العمل على إصلاح ما تراكم من اختلالات خلال السنوات الماضية هو الطريق الصحيح لتعزيز مكانة الجامعات الأردنية واستعادة ثقة المجتمع الأكاديمي محليًا ودوليًا.

من جانب آخر اثارت تلك التصريحات "المثيرة للجدل" حفيظة العديد من الشخصيات الاكاديمية الذين عبروا عن استيائهم من هذه التصريحات التي تمس سمعة التعليم العالي ، واصفينها بأنها غريبة في توقيتها، حادة في لهجتها، وخطيرة في تبعاتها، معتبرين ان ذلك يضرب مصداقية مؤسسات التعليم العالي في الأردن "بمطرقة ثقيلة" وحسب وصفهم ، ذلك بتجاهل حجم الضرر الذي قد يلحق بها محليًا وعالميًا، منوهين ان الوزير كان من المفترض أن يتولى مسؤولية الدفاع عن الجامعات الأردنية في وجه تصنيف غير معترف به دوليًا ، اذ ان هذا المؤشر كما هو معلوم ليس صادرًا عن جهة تصنيف أكاديمية محايدة أو مؤسسة دولية ذات مرجعية علمية، بل هو مبادرة فردية لقياس ما سُمي بمؤشرات "النزاهة"، وافتقر منذ بدايته إلى المعايير المقارنة، وافتُرض فيه أن الأرقام المجتزأة تُعبّر عن الواقع الأكاديمي برمّته.

كما وان ما يثير الاستغراب "حقيقة" أن نفس المؤشر شمل جامعات عالمية مرموقة، منها عشرات الجامعات البريطانية والألمانية والسعودية، ولكننا لم نشهد أي جهة رسمية في تلك الدول تبنت مثل هذا الخطاب ، بل على العكس، تعاملت مؤسسات تلك الدول مع نتائج المؤشر كمدخل لنقاش داخلي هادئ حول ممارسات النشر، لا كأداة لجلد الذات عبر تصريحات إعلامية مثيرة ومقلقة .

من الملفت ان الوزير "فجر" بالفعل ومن خلال حديثه مفاجأة أكد خلالها تفاقم ظاهرة سرقة الأبحاث بغية الحصول على مراكز متقدمة بالتصنيفات العالمية ، حيث قال "إن التصنيف يجب أن يكون من خلال تحسين النوعية، وليس بتزوير الأبحاث أو العبث بالاستشهادات العلمية"، مضيفًا أن بعض الجامعات انزلقت نحو ممارسات لا أخلاقية لتحسين تصنيفها، كدفع أموال للمشاركة في مؤتمرات وهمية أو تعيين باحثين فخريين فقط لنسب أبحاثهم للجامعة ، وهذا يوحي ان تلك الجامعات خرجت عن مسارها الأكاديمي والعملي الصحيح ، ما يعني ان هناك "خللاً " يصيب بعض مفاصل مؤسسات التعليم العالي ضرب سمعة عدد من جامعاتنا ، ما يلفت الى ضرورة نبش ملف الجامعات ، خاصة بعد هذا "التصريح الخطير" للوزير وهو الرجل الاول في وزارة التعليم العالي والمسؤول المباشر عن معالجة اية تجاوزات تحصل في الجامعات ، فلماذا اختار الوزير هذا التوقيت للكشف عن تلك الاختلالات وهو المعني باستخدام صلاحياته وسلطته ، ولماذا السكوت كل تلك السنوات منذ فتره توليه حقيبة التعليم العالي .

من هنا يمكن القول انه يجب الوقوف عند تصريحات الوزير وهو "يقصد ما يقول" بكل همة ومسؤولية ، فبذلك من الملاحظ إن ما أصاب بعضاً من مؤسسات التعليم العالي وبعض الجامعات يعتبر أحد أهم "كوارثنا" ان صح التعبير ، والتي تحتاج وحدها إلى انقلابات جذرية ، فالعبثية العشوائية وفقدان الأمانة العلمية جناية مُخزية في التعليم العالي تحتاج إلى إعلان حالة الطوارئ كي تبقى جامعاتنا على هيبتها ومكانتها الرائدة في صفوف الجامعات العربية ، وهذا يحتاج إلى طلب مساعدة كل الجهات الرقابية والمحاسبة للعمل على تطهير حقيقي لبعض الكوادر داخل تلك المؤسسات التعليمية الوطنية ، تلك الكوادر التي أصبحت عبئاً حقيقياً على الوطن وساعدت لتكون بعض جامعاتنا ذات السمعة مزرعة تفقس الأميّة والبطالة والعيب الحضاري وشباب خاوية عقولهم من كل شيء ، وتصدر بضاعة فاسدة لا جدوى منها ..!!.

يجب ان نعترف ان من الواضح وجود ممارسات ادارية تحتاج إلى مراجعة ومواجهة ، ومقابل ذلك لا يكون بالإدانة العلنية واثارة الراي العام، بل عبر إصلاح السياسات، وبناء قدرات الباحثين، وتعزيز الحوكمة البحثية المؤسسية، فالنزاهة لا تتحقق بالخوف من المؤشرات، بل بالإرادة والتمكين والتشريعات العادلة، وما نحتاجه هو خطاب قيادي يوازن بين النقد الذاتي المسؤول والدفاع عن سمعة وطنية ما زالت تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم في الساحة الأكاديمية العالمية ، وفي ذلك لا يمكن أن ننكر جهود الجامعات الأردنية التي رفعت عدد منشوراتها العلمية المصنفة في Q1 وQ2 بشكل ملفت ، وبذلك لا تستحق أن يُطلق عليها الاحكام ، بل تستحق دعمًا سياسيًا وتشريعيًا يضمن استدامة مسيرتها وتحفيزها على مزيد من الجودة ، حيث أن هذا التصنيف لا يمتلك المصداقية الكافية ، لكننا نظرنا اليه نظرة غير موفقة ، فنحن لا نحتاج لمن يصنعه مؤشر مشبوه أو منصة غير أكاديمية، بل تصنعه ثقة الباحث، وجودة العمل، وعدالة التقييم ، الذي يجب ان يكون المعيار الحقيقي للحكم مؤسساتنا التعليمية العالية.

يجب ان نعي تماما أن من يستقصي حقيقة الامر يجد ان الانتشار المتزايد لما يُعرف بـ”المجلات المفترسة” Predatory Journals “ وهي مجلات مزيفة وجدت لأهداف ربحية بحتة، وليس ذات قيمة علمية، ولا تمتلك معايير تقييم علمية وأخلاقية دقيقة، لذى فنسب قبولها لأبحاث المقدمة مرتفعة لكونها تهدف للربح المادي فقط، إضافة لعدم احترامها الحد الأدنى من معايير النزاهة الأكاديمية وتُشكل تهديدًا جديًا لمصداقية البحث العلمي على الصعيدين الوطني والدولي ، حيث أفرزت نتائج هذا المؤشر عن نتائج مثيرة وجد مقلقة حول وضعية البحث العلمي بالجامعات .

انه ومع ارتفاع نسب النشر في مثل هذه المجلات ، تبدو الحاجة ملحة اليوم لإرساء آليات رقابة صارمة، وتطبيق معايير التقييم والترقية بصرامة داخل الجامعات ، بما يضمن حماية البحث العلمي من السطحية العلمية والانزلاقات المعرفية وفقدان الشرعية والمصداقية الجامعية، وفرض عقوبات مشددة على المتلاعبين بنبل البحث العلمي، لكن وبالمقابل فإن العديد من جامعاتنا وعلى راسها ام الجامعات "الجامعة الأردنية" تعتبر القدوة على مستوى نشر الأبحاث العلمية، لكونها تلتزم بالحد الأدنى للبحث العلمي .

بقي ان أقول ، ان الوزير واع للكثير من الاختلالات "المقلقة" ، ومن الواضح انه يخوض حربا بلا هوادة ضد كل تلك الممارسات "المفزعة" ، ما يتطلب ان يقوم بإصلاحات عميقة في منظومة التعليم العالي والبحث العلمي ، لكن ، وحده لن يفلح في هذه المهام دون مشاركة من الدولة وطرف رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والاساتذة الجامعيين الأكاديميين والاداريين والطلبة وباقي القوي الوطنية .

واخيرا وان اطلت .. ارجو ان لا يؤخذ علينا اننا نجلد تعليمنا العالي الذي نفخر ونعتز ، فلدينا الكثير من جامعاتنا الأردنية الرائدة ومعها نحتاج لرجالات دولة تربويين حقيقيين ، من ذلك النوع الذي يضع خططاً وبرامجَ ورؤىً من شأنها النهوض الحقيقي بمؤسسات الوطن وخاصة مؤسسات التعليم العالي ، ليسوا كأولئك الذين يعتبرون مناصبهم الرفيعة فرصة ذهبية ومؤقتة لمزيد من الامتيازات والنفوذ، فقطاع التعليم العالي بالذات يجب أن يحظى باهتمام رسميّ لا متناهي ، وعلى الدولة التي تؤمن بديمومتها وتسعى لمستقبل زاهر وأن تستثمر في مخرجات جامعاتنا كمشروع وطني طويل المدى ولا غنى عنه.
سائلاً المولى عز وجل العون على تحمل المسؤولية

والله ولي التوفيق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :