تمكين "الاعلام الرسمي" خطوة في الطريق الصحيح
فيصل تايه
13-07-2025 08:29 AM
ما أكد عليه وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، خلال زيارته لوكالة الأنباء الأردنية أمر في غايه الاهمية ولطالما انتظرناه ، ذلك أن الوزارة تعكف حاليا على وضع خطة تهدف لتطوير وتفعيل دور الناطقين الإعلاميين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وزيادة قدرتهم على التواصل الفعال مع الجمهور ، من خلال تقديم برامج تقييمية وتدريبية لتعزيز مهاراتهم في التواصل، بالإضافة إلى وضع آليات تضمن حضورهم المستمر في الفعاليات المهمة وأداء دورهم باحترافية ومهنية ، الاهم من ذلك كله ضمان تقييم الأداء السنوي للناطقين الإعلاميين بالتعاون مع وزير الدولة لتطوير القطاع العام ومركز الكفايات في هيئة الخدمة والإدارة العامة، من خلال مراجعة أدائهم الإعلامي والخطط التي ينفذونها، لتعزيز مستوى الأداء وتحقيق تنسيق أكثر فاعلية بين المؤسسات ووزارة الاتصال الحكومي.
هي خطوة في الطريق الصحيح "تحسب للوزير" خاصة الامر المتعلق في تنظيم تبعية الناطقين الإعلاميين في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية ليكونوا تحت الإشراف الفني المباشر لوزارة الاتصال الحكومي ، فذلك امر في غايه الأهميه خاصة بعد ما اصاب العديد من اجهزة الاعلام من "جمود" انعكس بشكل سلبي على صورة الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة التابعة لها ، فمن خلال متابعتنا لاداء العديد من "اذرع الدوله الاعلامية" وفي ظل ما نراه في العديد من المؤسسات والهيئات والوزارات ، فقد القى المشهد الإعلامي الساكن وغير المؤثر بآثاره السلبية على واقعها ، والذي كان من المفترض ان "يمارس" دوره الاعلامي النشط والفاعل لاسناد الدوله ودعم مواقفها وتوجهاتها ، في الوقت الذي أصبح فيه الاعلام يلعب دورا كبيرا ومحوريا في عمليه الوعي العام .
دعوني اقولها بكل صراحة ، اننا كنا نتابع الاداء غير المسؤول والذي شكل تراجعاً مهنياً غير معتاد للكثير من مديريات الإعلام التي أصبحت لا تخدم أهداف الدوله ، ولا تلتفت لأخلاق المهنة بشكل أفقدها الكثيرا من الثقة والمصداقية والالتزام بالمهنية ، لدرجة عدم مقدرتها على المواجهه في مقابل التعدي عليها او الاساءة اليها ، بالرغم إلى وجود نماذج ناجحة بين الناطقين الإعلاميين، في عدد محدود من المؤسسات والهيئات الرسمية والوزارات الا ان من الضرورة تطوير مهاراتهم وقدراتهم في التواصل الإعلامي لضمان نقل الرسائل بشكل أكثر فاعلية ووضوحا للمجتمع الأردني ، حيث من الملاحظ أن معظم تلك المديريات بمختلف ادواتها المقروءة والمرئية والمسموعة وحتى الإلكترونية تحولت إلى أداة من أدوات المسؤولين ، تصطف وراء اجندات شخصية على حساب مستوى المهنة وميثاق الشرف الإعلامي والمسؤوليات الوطنية الاساسية .
ان تراجع عمل مديرات الاعلام يعتبر نتاج قصور عن الإيفاء بمفهوم الإعلام بشكله المهني الصحيح والشامل، والذي يحتاج "بالضرورة" الى اعلاميين مؤهلين وممكنين ومختصين مجال اختصاص كل وزارة ، يمتلكون مساحة كافية من الحرية المرتبطة بالضمير المهني دون الخضوع لاية تاثيرات معيقة، وقادرين على التعامل مع مختلف وسائل الاعلام خاصة في ظل تهافت الداخلين على هذه المهنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي اودت الى إفساد منهجية الإعلام الوطني ورسالته، ذلك ان الكثير من وزاراتنا وللاسف ما زالت تعيش على المسار التقليدي للإعلام ، ومازالت تصر على الدخول في متاهات مبعثرة، ذلك بحجة ان هذا هو "الاعلام المطلوب"، وهذا هو مكمنُ الداء اذا قلنا ان ذلك هو "الفشل الإعلامي" من الجانب المهني.
ان الإعلام الرسمي الفاعل الذي نحتاجة ونطمح له في مؤسساتنا وهيئاتنا ووزاراتنا يفتقد في "بعضها" للادوات الممكنة المساعدة، اضافة لافتقاره للموضوعية والشفافية والمهنية، المتعلقة في تشكيل الخبر وصياغته وترويجه عبر معظم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والمقروءة، واقتصار أخباره على تلميع شخص المسؤول وتغطية نشاطاته "ذهب، وحضر، وعاد، وجاء"، ناهيك عن أنه يتعاطى مع صناعة الخبر بشكل خاطئ، سواء بنقله أو كتابته وصياغته وحسب، ذلك لافتقاد مؤسساتنا الى مختصين مهنيين مما يجعل جوهر الانجاز "مغيب" حتى مع وجود العديد من الشواهد غير المعلنة، اذ ان صياغة الخبر وإعلانه وترويجه يتم "بعين عوراء"، ما يجعل المتلقي والمتتبع العادي في حيرة من هذا المشهد المختلط بإعلام متشابك، يقدم له الخبر (مجرد) من دون أدنى معيار للمهنية التي تضمن عناصره الستة المعروفة "متى حدث الخبر، وأين، وماذا، وكيف، ومن، ولماذا" ومن دون إقحام الرأي ضمن تحليل الخبر ودعمه بصور بصرية جاذبة.
اننا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع الهام فان ما نطمح إلى تحقيقه في اعلامنا الوطني الاردني "تمكين" اعلام اجهزة الدولة المختلفة القيام بواجباته ومسؤولياته، فمن الضرورة بمكان إبراز المنجزات والعمل التراكمي الذي تقوم به الوزارات والمؤسسات الحكومية باستخدام مختلف وسائل الإعلام عبر ايجاد "استراتيجية" عمل مترابطة تفضي الى علاقات تشاركية واسعة تسعى من خلالها إلى تعزيز ثقة الجمهور والمواطنين ووسائل الإعلام بكافة اشكالها في السياسات المنتهجة وعمليات التواصل للمؤسسات والقطاعات الحكومية المختلفة، مع ضرورة الاستفادة من القفزات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي، مع وجود المعيار الحقيقي لنجاح العمل بحرفية، والحذر مما يدور في هذه الوسائل وكيفية معالجتها للأخبار والموضوعات ذات الصلة.
اننا اليوم وفي ظل وجود فضاء مفتوح متعدد المصادر، لا بد ان نعي أنَّ ما يجب ان يميز الإعلام الرسمي الناجح هو توفر الإرادة التامة لامتلاك الحرية والمصداقية في التعبير التي تؤثر في الرأي العام بما ينقل الصورة الحقيقية الوضاءة، والقادرة على مواجهة كل التحديات ، لكننا "وللاسف" أصبحنا لا نشاهد الصورة إلا "مجتزأة" وحسب مزاجية المسؤول وموافقته، والذي يولّد الخنوع والسكون والسكوت، رغم زخم الفعاليات والنشاطات والحاجة الماسة الى اللقاءات الحوارية المجدية، والى الاشتباك الإيجابي مع كافة المسؤولين الفاعلين والمؤثرين في كل مؤسسة ووزارة، لكن الحقيقة تكاد تكون "مغيبة"، فالمنجزات موجودة إلا أن ثمة عوامل تحجبها، ما "يوحي" بإعلام متأخر في الأداء وسرعة التفاعل وتناول الخبر والتحليل، لذا، فإنَّ على الدولة الانتباه لتفعيل الوسائل الرصينة وتعيرها اهتماماً كبيراً، بعيدا عن مزاجية المسؤول ورهبته وتخوفاته غير المبررة.
اننا وعندما نطالب بإعلام رسمي "فاعل" له الدور الكبير في صناعة أدوات تشكيل الرأي العام للصالح العام ، ما يجعلنا "بالضرورة" نشعر برغبته فعلاً في الاستماع قبل الإسماع، والى إعلام يمتلك "الحرية والمصداقية والاستقلالية" في التعبير وإرادة العمل، فالإعلام المهني هو الذي يتعاطى مع كافة المعطيات ضمن معايير "المهنية" بعيدا عن اخبار السراب المعدم.
بقي ان اقول وأن اطلت ، اننا نثمن التوجه الحالي لإصدار نظام أو تعليمات تهدف إلى تعزيز دور الناطقين الإعلاميين في الوزارات والمؤسسات الرسمية وتقييم أدائهم ، اضافة الى أهمية ربط هذا التقييم بالإنجاز ونوع الخطط الإعلامية المحكمة والمنسقة، التي تضمن متابعة مستمرة لأداء الناطقين الإعلاميين وتعزيز قدراتهم، مما يعكس صورة إيجابية واحترافية عن المؤسسات، ويعزز قدرتها على التواصل مع الجمهور بشكل أكثر فاعلية واحترافية وشفافية.
وأخيرا ، فاننا اليوم في امس الحاجة إلى "إعلام دولة" يعبر عن "عقل الدولة" ، اعلام شفاف ومهني في "مؤسسات الدولة المختلفة" لا تحركه المصالح الشخصية، ولا يلتفت الى الجري خلف "المانشيتات الاعلامية" الملمعة للشخصيات النامقة، خاصة في ظل وجود محطات التواصل المجتمعي من «فيسبوك» و«تويتر» وغيرهما، التي أصبحت مصدر "تلميع" وتضليل، حتى أصبحت محركاً للمزاج العام، فالمطلوب الآن ان لا نعمل كما جاء في الأثر: «أميتوا الباطل بالسكوت عنه».
والله من وراء القصد