facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عبد اللطيف عربيات: قائد العمل الإسلامي بلا قيادة


إبراهيم غرايبة
13-07-2025 08:25 PM

صدرت مذكرات عبد اللطيف عربيات (1933 – 2019) بعد وفاته، ويقدم فيها تجربته في الحياة العامة، حيث كان رئيس مجلس النواب في الفترة (1990 – 1993) وهي المرحلة الذهبية بالنسبة للديمقراطية الأردنية، إذ دخل الأردن في تحولات سياسية كبرى، منها استئناف الانتخابات النيابية والأحزاب السياسية وحرية إصدار الصحف ووسائل الإعلام، وكان عربيات أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي (1998 – 2002) ورئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين. وقبل ذلك كان أحد القيادات التربوية، حيث عمل في وزارة التربية والتعليم وشغل فيها مدير المناهج وأمين عام الوزارة.

لكن كتاب عربيات "صفحات من حياتي" يقدم فكرة باهتة، وسيرة ضحلة، برغم أهمية التجربة العملية وأهميته الشخصية، ذلك أن الذكريات وسرد الأحداث لا تنشئ سيرة ذاتية، بل هي عملية فكرية وبحثية مضنية تتتجاوزر السرد والتعليق، وعلي أي حال فإنها مشكلة معظم إن لم يكن جميع السير الذاتية التي نشرت في الأردن.

ولد عبد اللطيف عربيات في مدينة السلط عام 1933، واتم دراسته الثانوية في مدرستها، وحصل على البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة بغداد عام 1960 والماجستير والدكتوراه في التربية من جامعة تكساس إيه آند إم عام 1974. وعمل بعد تخرجه مدرسا في كلية خضوري الزراعية في طولكرم وفي مدرسة جنين وفي القدس، وعمل معلما في السلط لمدة سنتين في أثناء انقطاعه عن الدراسة الجامعة وواصل عمله في وزارة التربية في التدريس والإدارة التربوية ومديرا للمناهج التعليمية ومديرا عاما لمكاتب التربية في محافظة العاصمة وكانت تضم الزرقاء ومادبا، ثم عين أمينا عاما لوزارة التربية والتعليم 1982 -1985 .

وشارك في أثناء توليه إدارة المناهج والكتب المدرسية في تنظيم وتحديث اداري وتنظيمي في إدارة المناهج والكتب التعليمية وقانون وزارة التربية والتعليم بالمشاركة مع مجموعة من التربويين المؤهلين مثل وزير التربية بشير الصباغ (1919 – 2007)، وإسحق فرحان (1934 – 2018)، ونوري شفيق، وسعيد التل. ويقول عربيات إن هذا القانون الذي مازال ساريا (مع تعديلات مستمرة) حافظ على وزارة التربية والتعليم مستقرة لا تتأثر بتعاقب وتغير الوزراء، وألف وشارك في تأليف مجموعة من المناهج التعليمية في التعليم الزراعي وفي أصول التربية، وأدخل عربيات تغيرات واسعة في إعداد المناهج لتكون مسابقة مفتوحة وتنافسية، وفي تنويع التعليم وتطوير التعليم المهني، وإنشاء المدارس الشاملة ومعاهد المعلمين والمعاهد التقنية والحرفية والتجسير من كليات المجتمع إلى الجامعات، وفي عام 1985 أحيل عربيات إلى التقاعد لأسباب يعتبرها سياسية وليست مهنية أو إدارية. وعمل بعد ذلك أمينا عاما لمجمع اللغة العربية الأردني حتى عام 1989 عندما ترشح للانتخابات النيابية وانتخب نائبا عن محافظة البلقاء، وكان رئيس مجلس النواب (1990 – 1993) ثم عين عضوا في مجلس الأعيان (1993 -1997).

شارك عربيات في أثناء حياته العلمية والمهنية في مؤتمرات علمية كثيرة، مثل المؤتمر العالمي للتعليم في سويسرا (1972) ومؤتمر اليونسكو للتعليم البيئي في تبليسي/ جورجيا. عام 1979 وكانت جزءا من الاتحاد السوفيتي. وزار جمهورية إيران عام 1976 على رأس وفد تربوي، وفي عام 1979 مع وفد إسلامي بمناسبة الثورة الإسلامية، وفي عام 1991 عندما كان رئيسا لمجلس النواب لحضور المؤتمر الإسلامي العالمي للقدس، وشارك في المؤتمر البرلماني العالمي في الهند عام 1992 ومعظم دول العالم للمشاركة في مؤتمرات تربوية وتعليمية أو سياسية وبرلمانية أو إسلامية دعوية.

وشارك عربيات في عضوية وتأسيس جمعية المركز الإسلاميم ، وكان يرأس جمعية تنمية البادية ومكافحة التصحر، وجمعية العفاف، وجمعية الصالحين، وجمعية السلط الخيرية، وجمعية النهوض باللغة العربية، ورئيس مجلس أمناء جامعة الزرقاء.

انتمى عبد اللطيف عربيات إلى جماعة الإخوان المسلمين مبكرا في الأربعينات عندما كان طالبا في مدرسة السلط، وكان قائدا طلابيا للإخوان في مدرسة السلط الثانوية؛ والتي كانت مركز الحياة السياسية والثقافية في الأردن. وشارك في الخمسينات وهو طالب في المرحلة الثانوية في صراعات وجدالات مع الأحزاب والتيارات القومية واليسارية ومع حزب التحرير الإسلامي. كما شارك في المؤتمر الإسلامي لبيت المقدس والذي عقد عام 1954 في القدس برعاية ملكية وشارك فيه قادة ومفكرون من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وكان شابا في أوائل العشرينات يشارك في العمل التنظيمي للمؤتمر، وأتاح له ذلك التواصل والتعرف على القادة والمفكرين الإسلاميين في ذلك الوقت، مثل سيد قطب، وحسن الهضيبي، وأبو الأعلى المودودي، والفضيل الورتيلاني، وسعيد رمضان.

فصل عربيات من جامعة بغداد عام 1956 بسبب مشاركته مع مجموعة أخرى من الطلاب الأردنيين في التضامن مع مصر في أثناء العدوان الثلاثي، لكنه عاد إلى الجامعة بعد سنة بوساطة وترتيب من المستشار الثقافي في السفارة الأردنية في بغداد وكفالة مالية كبيرة. واستأنف الدراسة فيها، وشهد انقلاب عبد الكريم قاسم على الملك فيصل الثاني في العراق عام 1958، وتعرض مثل أغلب الطلاب والمواطنين الأردنيين في العراق لتضييق وتهديد بسبب العداء السياسي الذي وقع بين الأردن والعراق بعد الانقلاب.

انتخب عربيات عضوا في المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين (1967 -1969) وهي فترة حدثت فيها حرب حزيران ونشاط المنظمات الفدائية الفلسطينية في الأردن، وقد أنشأت جماعة الإخوان المسلمين تشكيلات فدائية شارك فيها حوالي 180 شابا من الجماعة.

في أثناء دراسته الجامعية في الولايات المتحدة شارك عربيات في اتحاد الطلاب المسلمين، وشارك مع الرابطة الإسلامية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي في ندوات ومؤتمرات وبرامج للعمل الإسلامي في أمريكا، وقد تعرف في تلك الاثناء على إبراهيم يزدي الذي صار وزيرا للخارجية الإيرانية بعد الثورة، ثم التقاه بعد سنوات في طهران.

كلف عربيات برئاسة لجنة إنشاء مدارس الأرقم التابعة لجمعية المركز الإسلامي، ورئاسة مجلس التعليم في الجمعية، التي كان يتبع لها حوالي 50 مدرسة إضافة إلى كلية مجتمع في الزرقاء. وانتخب عضوا في المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي عند تأسيسه في عام 1992، ثم انتخب أمينا عاما للحزب (1998 – 2002) وكان الحزب قد دخل في مرحلة معارضة ومواجهة مع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية التي وقعت عام 1994 وتراجعت العلاقة مع الحكومة إلى أدنى مستوياتها. ثم انتخب عربيات رئيسا لمجلس شورى الحزب (2002 -2006) وشارك في لجنة الأجندة الوطنية عام 2005 والتي قدمت بتكليف من الملك عبد الله الثاني دليلا لتطوير الحياة السياسية والعامة.

استؤنفت الانتخابات النيابية عام 1989، وأطلقت مرحلة سياسية جديدة، وقد شارك الإخوان المسلمون في تلك الانتخابات وحصلوا على 22 مقعدا من 80 مقعدا، وانتخب عبد اللطيف عربيات رئيسا لكتلة نواب الحركة الإسلامية، كما انتخب رئيسا لمجلس النواب حتى عام 1993. وشكلت لجنة ملكية لصياغة الميثاق الوطني برئاسة أحمد عبيدات رئيس الوزراء الأسبق، وكان عربيات عضوا فيها.

وفي هذه الدورة منح نواب الإخوان المسلمين الثقة لحكومة مضر بدران، ثم شاركوا في حكومته بخمسة وزراء. وفي الدورة التالي لمجلس الأمة اختير عربيات عضوا في مجلس الأعيان.

تميزت السنوات 1989 – 1993 بمستوى عال من الحريات، واطلقت الحياة الحزبية وحرية الصحافة، وأنشأ الإخوان حزب جبهة العمل الإسلامي. وبرأي عربيات فإن مجلس النواب برئاسته حقق إنجازات كبيرة في تكريس الحريات والديمقراطية في السياسات والتشريعات، مثل إصدار قانون الأحزاب وقانون الصحافة اللذين سمحا بتشكيل وإنشاء الأحزاب والصحف، وإعادة المفصولين من أعمالهم لأسباب سياسية. وإلغاء قوانين الطوارئ والأحكام العرفية التي سادت بين عامي 1957 – 1990، وإخضاع محكمة أمن الدولة لمحكمة التمييز، وتفعيل النصوص الدستورية المتعلقة بمحاكمة الوزراء. وتطوير عمل مجلس النواب وتنظيمه الداخلي. وقد حلّ مجلس النواب الحادي عشر، وأجريت انتخابات جديدة، وفي الدورة التالية لمجس الأمة (1993 – 1997) اختير عربيات عضوا في مجلس الأعيان.

يشير عبد اللطيف عربيات في مذكراته "صفحات من حياتي" إلى سلسلة لقاءات جرت بين مجموعة من الحركات الإسلامية في دول عربية عدة وبين مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين الأمريكان والأوروبيين، عقدت هذه الاجتماعات على مدى ثلاث سنوات (2003 – 2006) في المغرب وإسبانيا وهولندا وسويسرا واليونان ولبنان. ويذكر أن اللقاءات كان ينسقها "المركز العالمي للحوار الدائم في واشنطن" وبتمويل سويسري.

لا يمكن وصف الاجتماعات بأنها فكرية أو حوارية كما يحاول أن يؤكد عربيات، لأن المؤتمرات الفكرية والحوارية تعقد علنا حتى وإن كانت مغلقة في قاعات ومناسبات علنية كبرى، ويشارك فيها أكبر عدد ممكن من الباحثين والمفكرين، لكن الاجتماعات التي ذكرها عربيات كان يشارك فيها ممثل واحد عن الإخوان المسلمين من كل قطر، وكان عربيات ممثل الأردن ومعه عاطف الجولاني (على الأرجح ممثلا لحركة حماس) وشارك فيها كما يذكر ممثل من حزب الله، ومن الإخوان المسلمين المصريين كان يشارك فيها عبد المنعم أبو الفتوح وإبراهيم البيومي، وشارك فيها أيضا رئيس حزب الوسط المصري (لم يذكر اسمه ولعله أبو العلا ماضي) وحضر أيضا ميشيل كيلو وحسين العودات وزهير سالم الطيب من سوريا ولبنان.

هذا مجمل كتاب عربيات الذي أمضيت عطلة نهاية الأسبوع في قراءته. لم يقدم تعليقات وتحليلات معمقة وكافية للتجربة السياسية بعامة وتجربة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، وفي تقديري فإن عربيات قد جاء إلى قيادة الإخوان والحزب في وقت كان النفوذ الحقيقي والفعلي في الجماعة للجيل التالي من الجماعة، ولم يكن له دور حقيقي وفاعل؛ مثله مثل جيله من قادة وأعلام الجماعة، مثل إسحق فرحان، وحمزة منصور، وعبد الله العكايلة.

لقد جرت في صفوف الجماعة تحولات تنظمية وفكرية منذ ثمانينات القرن العشرين كان الفاعلون الحقيقيون فيها مواليد الخمسينات والستينات الذين كانوا طلابا في الجامعة في السبعينات والثمانينات، وقد ظهرت تداعيات هذه التحولات في اتجاهات الجماعة ومجريات الأحداث منذ التسعينات، وكانت أحداثا وتفاعلات بعيدة عن وعي وأفكار الجيل السابق في الجماعة، وهي ظاهرة لم تلاحظها السلطة السياسية أو لم ترد أن تلاحظها، وظلت تعتقد أن في مقدورها إدارة وترتيب العلاقة بالجماعة من خلال التفاهم مع القيادات التقليدية والبارزة في الإعلام لكنها بعيدة عن التنظيم والاتجاهات والأفكار الجديدة في الجماعة، وعلى سبيل المثال فقد فوجئت الحكومة بقرار مقاطعة الانتخابات عام 1997 بسبب اعتقادها أن قادة الجماعة والحزب المعارضين للمقاطعة سيجرون الجماعة والحزب إلى المشاركة، ثم بدأ الجيل "الرابع" يقود الجماعة وفق اتجاهات وأفكار جديدة مختلفة كثيرا عن أفكار الجيل السابق. وهو أيضا (الجيل الرابع) منقسم انقساما حادا وعدائيا على المستوى الشخصي والتنظيمي والفكري والأيديولوجي، وقد أنشأت هذه الفجوة بين الجيلين تصدعات كبرى وعميقة في صفوف الجماعة وقياداتها وتياراتها، كما ابتعدت بالجماعة والحزب عن تقاليد وطبيعة العلاقة مع السلطة السياسية، ودخلت العلاقة بين الجماعة والسلطة في مرحلة جديدة بلا قواعد ولا تفاهمات تلائم المرحلة الجديدة والتغير في قيادات الجماعة وأفكارها، ومن ذلك على سبيل المثال صعود تأثير حماس في الجماعة، وصعود قيادات جديدة ليس بينها وبين السلطة معرفة ولا تفاهمات ولا "كيمياء".

الحال أن الأزمة الحالية للجماعة في بعدها الداخلي والتنظيمي، أو في بعد العلاقة مع السلطة السياسية قد تأسست عام 1990 دون أن يريد أحد الالتفات إليها، وظلت تكبر وتتفاعل وتتدحرج حتى وصلت إلى أفق مسدود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :