facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خدمة العلم بوابة الانضباط وبذرة التنمية


م. سالم خصاونة
14-07-2025 12:31 AM

في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتصاعد فيه مؤشرات البطالة وتتراجع قيم العمل والانتماء والانضباط في أوساط فئة الشباب لا بد من العودة الجادة والعميقة إلى فكرة خدمة العلم لكن بمنظور جديد يتجاوز الشكل التقليدي إلى مشروع وطني متكامل يعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والدولة ويمنح الشباب فرصة للمشاركة في بناء الوطن لا كمستهلكين للفرص بل كصانعين لها وكفاعلين حقيقيين في ميدان التنمية والإنتاج .

خدمة العلم كما نطرحها اليوم هي بوابة للانضباط ووسيلة لصقل الشخصية الوطنية وفضاء لتشكيل عقلية جديدة لدى الشباب قادرة على التفاعل مع المتغيرات بإيجابية وبوعي عالٍ بالمسؤولية وهي كذلك بذرة تنموية تُزرع في مؤسسات الدولة وفي القطاع الخاص لتثمر لاحقًا في بناء جيل لا يكتفي بالشكوى بل يتجه مباشرة نحو المساهمة .

النموذج الذي نقترحه يرتكز على مرحلتين متتاليتين الأولى تدريب عسكري شعبي مدته أربعة شهور يُصقل فيها الشباب ذهنيًا وجسديًا في بيئة منضبطة يُعاد فيها تشكيل مفهوم الالتزام والاحترام والعمل الجماعي بعيدًا عن الأجواء المدنية الرخوة التي أضعفت لدى الكثير من الشباب روح الجدية والانضباط والتفاني التدريب العسكري لا يعني عسكرة الشباب بل يعني بناء الثقة بالنفس واحترام القانون والتعود على النظام والعمل تحت الضغط وتحمل المسؤولية وهذا هو المطلوب في أي مواطن يسعى للنجاح .

أما المرحلة الثانية فهي المرحلة المدنية ومدتها أربعة شهور يُوزع خلالها الشباب على مؤسسات الدولة ومشاريعها الحيوية والقطاعات التي تعاني من نقص في الكوادر والأيدي العاملة الفعلية في وزارة الزراعة على سبيل المثال يمكن إشراكهم في مشاريع التحريج الوطني وزراعة الأراضي المحروقة أو المتدهورة والمساهمة في برامج الحصاد المائي وبناء السدود الصغيرة وتنظيف مجاري السيول وفي وزارة الإدارة المحلية يمكن أن يكونوا جزءًا من حملات نظافة المدن وصيانة الحدائق العامة والطرق الريفية وطلاء الجدران وتشجير الدوارات والشوارع .

كما يمكن أن تتوسع الفكرة لتشمل الشراكة مع القطاع الخاص عبر توقيع مذكرات تفاهم مع المصانع والشركات والمؤسسات الإنتاجية التي يمكن أن تستفيد من هؤلاء الشباب وتمنحهم في المقابل فرصًا تدريبية عملية تفتح لهم أبواب التوظيف المباشر أو تساهم في تأهيلهم المهني بما يتناسب مع احتياجات السوق الفعلية .

هذا النموذج ليس حلاً لأزمة بطالة فحسب بل هو إعادة تعريف لفكرة العمل ومفهوم الانتماء والهوية المهنية إذ أن كثيرًا من الشباب اليوم لا يملكون تصورًا واضحًا لما يريدون ولا يملكون مهارات تمكنهم من المنافسة في سوق العمل وبالتالي فإن هذه الخدمة ستمثل مرحلة انتقالية ضرورية بين مقاعد الدراسة وسوق العمل وستمنحهم أدوات عملية ومهارات حياتية لا تُكتسب في الصفوف النظرية .

ومن المهم أن تُرافق هذه الخدمة بحوافز مشجعة تجعل الشباب يتنافسون على الالتحاق بها بإرادتهم لا أن يشعروا بأنها عبء أو عقوبة فالشباب الذي يخدم وطنه لعام كامل يستحق أن يُكافأ بمنح تعليمية أو تدريبية أو إعفاءات في رسوم الجامعات أو نقاط إضافية في التعيينات أو تسهيلات في التمويل والتشغيل في حال قرر تأسيس مشروع خاص.

وليس الشباب فقط هم المستفيدون من هذا المشروع بل الدولة نفسها التي تحتاج إلى إعادة ترميم العلاقة بينها وبين الجيل الجديد تحتاج إلى أن يشعر هذا الجيل بأن له دورًا ملموسًا في الميدان وبأن الدولة ليست مجرد مؤسسة تصدر القرارات بل كيان حي يطلب من مواطنيه العطاء ويمنحهم بالمقابل المكانة والتقدير .

خدمة العلم بهذا التصور ليست خطوة للوراء بل قفزة للمستقبل ليست استدعاءً للماضي بل استجابة لحاضر يئن من الفراغ وتيه الشباب وليست تجربة عابرة بل مسار نحتاجه اليوم قبل الغد مسار يجعل من كل شاب مشروع مواطن منتج ومن كل مؤسسة حقل تدريب ومن كل قرية وشارع ومصنع ومزرعة محطة نهوض وبناء .

علينا أن نبدأ بهذه الفكرة بكل ما تحمله من طموح وجدية وإرادة علينا أن نضع لها إطارًا تشريعيًا وتنظيميًا واضحًا وأن نربطها بإستراتيجية وطنية شاملة تسهم فيها الوزارات والبلديات والقطاع الخاص والمؤسسات التربوية حتى يشعر كل شاب أن له دورًا وكل مؤسسة أن لها نصيبًا وكل مواطن أن له حصة من هذا الجهد .

إن خدمة العلم بوابة للانضباط لكنها أيضًا بداية لحلم تنموي كبير إن استثمرنا فيه بذكاء والتزام وإن تعاملنا معه لا كواجب فحسب بل كفرصة لصناعة الإنسان الأردني الذي نريد الإنسان الذي لا يسأل ماذا أعطاني الوطن بل يقول ماذا أعطيت للوطن .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :