تعد الحركة الكشفية في الأردن من أعرق الحركات في العالم العربي، إذ انطلقت أولى بوادرها عام ١٩٢٣ في مدرسة السلط قبل أن ينضم الأردن رسمياً إلى الحركة الكشفية العالمية عام ١٩٥٥م. وقد شهدت المملكة منذ ذلك الحين نشاطاً كشفياً واسعاً كان له بالغ الأثر في صقل شخصيات أجيال من الشباب الأردني خصوصاً في المحافظات، وبلغ هذا النشاط أوجه خلال العقود الممتدة من السبعينات وحتى التسعينات من القرن الماضي.
ورغم تراجع الزخم بعدها إلا أن الأردن واصل حضوره بشكل محدود في بعض المحافل الكشفية العالمية، وكان أبرزها المشاركة في المخيم الكشفي العالمي في اليابان عام ٢٠١٥م.
إن المتأمل في واقع الحركة الكشفية اليوم يلحظ تراجعاً واضحاً في حضورها ونشاطها، ويعزى هذا التراجع إلى عدة أسباب أبرزها ضعف التمويل وتراجع الاهتمام المؤسسي، إضافة إلى ظهور عدد من مؤسسات المجتمع المدني والمبادرات الخاصة التي باتت تستقطب الشباب بوسائل مختلفة من بينها فرق تنظيم رحلات المشي الطويل (الهايكنج) والتي تقدم بدائل ترفيهية وتفاعلية أقرب إلى تطلعات الجيل الجديد ولكنها على الرغم من إيجابيتها لا تملأ بالكامل الفراغ الذي كانت تسده الكشافة من حيث بناء القيم والانضباط والتطوع.
الكشافة أكثر من مجرد نشاط شبابي فهي مشروع تربوي متكامل يساهم في تهذيب السلوك وتعزيز الانتماء وتنمية حس المسؤولية وترسيخ مفاهيم احترام القانون وتقبّل الآخر. وفي ظل ما نلاحظه من تراجع في هذه القيم لدى بعض فئات الشباب تظهر الحاجة مجدداً إلى دور الكشافة خصوصاً في ظل تراجع بعض الجهات الحكومية عن اداء أدوارها التربوية والرقابية.
إن إعادة إحياء الحركة الكشفية في الأردن لا يعد ترفاً بل ضرورة وطنية ملحة، وتقع المسؤولية على عاتق كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب لإعادة تنشيط هذا القطاع ضمن رؤية حديثة تراعي تطورات العصر وتدمج الوسائل المعاصرة دون أن تفرط في الجوهر التربوي والقيمي الذي تأسست عليه الحركة الكشفية.