العيد الوطني الفرنسي والعلاقات الأردنية الفرنسية
د.مأمون الشتيوي العبادي
14-07-2025 11:18 PM
تشرفتُ بحضور الاحتفال الذي أقامته السفارة الفرنسية في عمّان بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، الرابع عشر من تموز (14 juillet)، وهو اليوم الذي يرمز في ذاكرة الفرنسيين لانطلاقة الثورة الفرنسية عام 1789، ويجسد قيم الحرية، والمساواة، والإخاء، التي ما تزال تشكل أساس الجمهورية الفرنسية الحديثة.
وقد جاء هذا الاحتفال هذا العام في أجواء مفعمة بروح الصداقة والتقدير المتبادل بين فرنسا والأردن، حيث عبّر السفير الفرنسي عن اعتزازه بالعلاقات العريقة التي تجمع البلدين، مشيرًا إلى التعاون المتنامي في مختلف المجالات، من التعليم والثقافة، إلى الاقتصاد والدفاع، فضلًا عن الشراكة في قضايا السلام والاستقرار الإقليمي.
علاقات متجذّرة في التاريخ
تعود جذور العلاقات الأردنية الفرنسية إلى العقود الأولى من تأسيس الدولة الأردنية، إذ لطالما ربطت البلدين علاقات دبلوماسية متينة، وشراكات مثمرة. فقد دعمت فرنسا مسيرة الأردن التنموية من خلال المشاريع الثقافية والتعليمية، وكان لها دور ريادي في إنشاء المدارس والمعاهد الثقافية، مثل المعهد الفرنسي في عمّان الذي يُعد منارة للتبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين.
كما دعمت فرنسا الأردن في محطات حاسمة من تاريخه، سياسيًا وإنسانيًا، ولا سيما في استقبال اللاجئين ودعم جهود الاستقرار في المنطقة، ووقفت إلى جانب الأردن في الدفاع عن قضاياه، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
تعاون استراتيجي في مختلف المجالات
شهدت العلاقات الأردنية الفرنسية في السنوات الأخيرة تطورًا نوعيًا، لا سيما في مجالات الدفاع والطاقة والتعليم والاقتصاد. فقد وقّع البلدان عدة اتفاقيات تعاون عسكري وأمني، في إطار مواجهة التحديات الإقليمية ومكافحة الإرهاب. كما تدعم فرنسا الأردن في مشاريعه الحيوية بمجال الطاقة والمياه والنقل.
وفي المجال الأكاديمي، تُعد فرنسا وجهة مفضلة للطلبة الأردنيين، وتمنح الحكومة الفرنسية سنويًا العديد من المنح الدراسية، مما يسهم في تعزيز التبادل العلمي والثقافي. كما تشهد اللغة الفرنسية في الأردن إقبالًا متزايدًا، سواء على مستوى التعليم العام أو الجامعي.
قيم مشتركة وشراكة من أجل المستقبل
يجتمع البلدان على أرضية صلبة من القيم المشتركة، وعلى رأسها احترام السيادة، ونشر قيم التسامح، والدفاع عن حقوق الإنسان، والعمل من أجل السلام العالمي. وقد أثبتت الأحداث أن الأردن وفرنسا شريكان موثوقان، يتعاونان بفاعلية في المحافل الدولية، ويسعيان إلى بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لشعبيهما.
ختامًا
إن حضور الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي لم يكن مناسبة دبلوماسية فحسب، بل كان أيضًا لحظة رمزية تعبّر عن عمق العلاقة التي تربط الشعبين، وتعكس الثقة والاحترام المتبادلين. إننا نثمّن هذه العلاقة التي تتجاوز المصالح إلى مستوى الصداقة الحقيقية، ونؤمن أنها ستواصل نموها في المستقبل، بما يخدم مصالح البلدين ويعزز من دورهما المشترك في بناء عالم أكثر عدلًا وسلامًا.
عاشت الصداقة الأردنية الفرنسية.