facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حسن الهضيبي، مرشد الإخوان الذي لم يستمع إليه احد


إبراهيم غرايبة
16-07-2025 06:00 PM

حسن الهضيبي (1891 – 1973) هو المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين بعد اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا (1906 – 1949)، وقد مرت الجماعة تحت قيادته بمرحلة صعبة، فبعد ثورة 23 يوليو 1952 والتي كان فيها الإخوان المسلمين شركاء وحلفاء مع الضباط الأحرار قادة الثورة دخلت الجماعة في خلافات كبيرة مع الحكومة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر، أدت إلى اعتقال أعداد كبيرة من قادة وأعضاء الجماعة، وإعدام عدد من قادتها، أهمهم سيد قطب وعبد القادر عودة. ودخلت الجماعة أيضا في مرحلة من التحولات الفكرية باتجاه التطرف والتكفير، ما جعل الهضيبي يصدر من السجن كتابه "دعاة لا قضاة" والذي يعتبر من أهم مصادر الفكر والاتجاه الإصلاحي في مواجهة التيارات المتطرفة والتكفيرية. لكنه كتاب لا يعرفه الإخوان المسلمون، وأنشأوا أفكارهم ومواقفهم من كتب سيد قطب وتقي الدين النبهاني وأبو الأعلى المودودي، والتي تكرس حالة عداء مع الدول والمجتمعات، وتشجع على نشوء طائفة مستقلة ترى نفسها أمة من دون الناس.

ولد حسن اسماعيل الهضيبي عام 1891م، في عرب الصوالحة، مركز شبين القناطر- بمحافظة القليوبية بمصر. درس القرآن وهو طفل صغير في كتّاب القرية، ثم التحق بالأزهر قبل أن يتحول إلى الدراسة المدنية، فحصل على الشهادة الابتدائية عام 1907م، ثم التحق بالمدرسة الخديوية الثانوية وحصل منها على شهادة البكالوريا في سنة 1911م، ثم تخرج من مدرسة الحقوق سنة 1915م. وتمرن على المحاماة في القاهرة، ثم انتقل للعمل محاميا في شبين القناطر لفترة قصيرة قبل أن ينتقل إلى سوهاج ليستقر فيها حتى عام 1924م

نشأ الهضيبي في بيئة تقليدية في قرية عرب الصوالحة، وكان والده متحمسا لتعليم ابنه في الأزهر، وأرسله بالفعل إلى القاهرة للدراسة هناك، لكنه كان ميالا للدراسة المدنية وتعلم القانون، فانتقل إلى مدرسة باب الشعرية الابتدائية، واكمل دراسته الثانوية. وكان شخصا تقليديا متدينا منضبطا في حياته ودراسته، ولم يكن يشارك في النشاط السياسي أو المظاهرات. وبعد تخرجه من الجامعة عمل متدربا في مكتب الأستاذ حافظ رمضان، وأقام في بيت الشيخ محمد الخطاب أحد علماء الأزهر، ثم تزوج ابنته (نعيمة خطاب)

انتقل للعمل في سلك القضاء في "قنا"، ثم "نجع حمادي" سنة 1925م. ثم "المنصورة" سنة 1930م. ثم أسيوط ثم الزقازيق ثم الجيزة ، واستقر في القاهرة. تدرج في السلك القضائي حيث كان مدير إدارة النيابات، ثم رئيس التفتيش القضائي، ثم مستشارا في محكمة النقض.

مشاركته في جماعة الإخوان المسلمين
تعرف الهضيبي على جماعة الإخوان المسلمين في مقابلة مع حسن البنا لكن يبدو أن عضويته في الجماعة ظلت دون إعلان، بسبب شغله بالقضاء، ولم يكن يعرف عنها سوى عدد قليل من الإخوان المسلمين، وبعد وفاة حسن البنا المرشد العام والمؤسس لجماعة الإخوان المسلمين في عام 1949 رشحه بعض أعضاء الهيئة التأسيسية ليكون مرشدا عاما، وانتخبته الهيئة مرشدا عاما في 17 تشرين أول أكتوبر 1951 فاستقال إثر ذلك من سلك القضاء. واعتقل في العام 1954م، وجرت محاكمته، وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى المؤبد، وأمضى في السجن عاما واحدا قبل نقله إلى الإقامة الجبرية بعد إصابته بذبحة صدرية، ثم رفعت عنه الإقامة الجبرية في سنة 1961م بسبب كبر سنه. وأعيد اعتقاله في سنة 1965م وجرت محاكمته بتهمة إعادة إحياء تنظيم الإخوان من جديد، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، خرج خلالها من السجن لمدة 15 يوما، حيث نقل إلى المستشفى ثم إلى داره، وأعيد بعدها إلى السجن ليكمل محكوميته التي مددت حتى 15 تشرين أول اكتوبر 1971م، ثم أفرج عنه. وتوفي في 11 تشرين ثاني نوفمبر 1973م.
شهدت الجماعة بمجيء الهضيبي مرشدا عاما ثلاث سنوات (1951 – 1954) من التأثير السياسي الكبير في مصر، فقد شاركت بفاعلية في مقاومة الانجليز في قناة السويس. سجل هذه التجربة كامل الشريف أحد قادة المقاومة في القناة في كتابه "المقاومة السرية في قناة السويس" وفي 23 تموز يوليو 1952 وقعت الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر ومجموعة من الضباط كانوا يتسمون باسم "الضباط الأحرار" وكان الإخوان شركاء فاعلين للثورة لمدة سنتين، وفي هذه الأثناء قام الهضيبي بجولة على عدد من الأقطار العربية (العراق وسوريا والأردن)

لم يكن الهضيبي متقبلا النظام الخاص السري في الجماعة، وكان يريد حله، وتحويل الجماعة إلى هيئة علنية، ولم يكن موافقا على كثير إن لم يكن معظم أفكار الإخوان وتقاليدهم السرية، فهو لم ينشأ في الجماعة ولم يتدرب ولا تلقى مبادئ الانضباط التنظيمي المقدس، ولم يكن يرى الجماعة هيئة مقدسة أو ذات خصوصية، وكانت تجربته القانونية والقضائية تشده إلى عمل مؤسسي حسب القوانين والأنظمة وفقا لقواعد وقوانين العمل العام وليس التقاليد والمبادئ السرية، أو التقاليد التي أضفيت عليها القداسة وهي ليست مقدسة، وقد قدم استقالته بالفعل من قيادة الجماعة، وأصر على التخلي عن موقعه، لكن الاستقالة ظلت محفوظة لأن الهيئة التأسيسية لم تجتمع للنظر في الاستقالة، وأعلن عن حل الجماعة واعتقال جميع أعضائها قبل انعقاد الهيئة بيومين.

ويعتبر كتاب "دعاة لا قضاة" لحسن الهضيبي، أحد المراجع المهمة في معالجة مسألة التنظير الإسلامي تجاه أنظمة الحكم المعاصرة، وقد صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام 1969، ثم أعيدت طباعته مرات كثيرة، ومازال يتداول في سياق الجدل الذي بدأ منذ الستينات في صفوف الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية السياسية؛ إذ تشكلت تيارات وجماعات مؤثرة ومنتشرة تكفر الأنظمة السياسية الحاكمة القائمة اليوم في العالم العربي والإسلامي، وفي أحيان يمتد التكفير ليشمل الأفراد والمجتمعات ومعظم إن لم يكن جميع المسلمين. أعد الكتاب في السجن بإشراف حسن الهضيبي ردا على أسئلة وجدل كان يدور في السجون بين الإخوان المسلمين حول تكفير الحكومات والمجتمعات، وطبع الكتاب ووزع على أعضاء الجماعة ثم طبع في السبعينات ووزع في أسواق النشر وخاصة بعد عام 1977 عندما استفحلت اتجاهات التكفير والتطرف في مصر. لكن الكتاب ظل غريبا على الإخوان المسلمين الذين بدأوا منذ أوائل الخمسينات وخاصة بعد حرب 1948 ينزعون إلى العداء والمفاصلة مع الدول والمجتمعات، ونشأت أجيال جديدة في صفوف الجماعة في مصر والدول العربية تتخذ مواقف فكرية وعدائية تجاه الدول والمجتمعات وإن كانت تبدو تسلك سلوكا براغماتيا. هذه الثنائية التي تميزت بها الجماعة (تفكير متطرف وسلوك براغماتي) أنشأت حالة دينية سائدة بين المتدينين تشجع الاستعلاء والمفاصلة والشعور بالتميز والاختلاف، ومنح هذا الانكفاء أعضاء الجماعة شعورا بالانتماء والولاء المستقل عن الأمة، وتحول في تكراره وسريته إلى تنظيم مقدس. الحال أن السرية والتكرار تمنح الأعمال والتجمعات أيا كانت قداسة وتماسكا وانتماء خاصا. ولم يكن سهلا على الإخوان تقبل أفكار الهضيبي التي تبدو جافة وقانونية وتخرج الإخوان من كهفهم الجميل ولسان حالهم "وإذ اعترلتموهم وما يعبدون فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء من أمركم مرفقا" بل إن الإخوان المسملين كانوا يرفضون العلنية برغم عدم خطورتها ويفضلون السرية برغم عدم الحاجة لها، لأنهم يجدون في السرية متعة وقداسة، وكان ممكنا تجنب كل هذه المشكلات والتحديات القائمة اليوم أو معظمها لو التزموا دائما بالقوانين والعلنية في العمل والتمويل والتنظيم، لكن ذلك كان يحتاج إلى تحول أو انعطاف فكري وأيديولوجي ليس سهلا، ويرجح أن معظم الأعضاء سينفضون عن الجماعة لو سلكت سلوكا واضحا وعلنيا وعلى أساس من المشاركة والانتماء إلى الأمة والأوطان وليس الاستعلاء عليها والتميز عنها، ليس بسبب خطورة العلنية كما يظنّ، ولا بسبب الأمان في السرية. العكس فإن السلامة في العينية والمخاطرة في السرية. وهذا ما حدث بالضبط مع حسن الهضيبي؛ الذي لم يستوعب طقوس الجماعة وتقاليدها السرية، ولم يقدر على تحويلها إلى جماعة "عادية" فقد كان ذلك في الوعي الجمعي والتنظيمي مثل "الكنافة بلا قطر"

يركز الهضيبى على مناقشة الفهم الذي بنته جماعات الإسلام السياسي حول الآية القرآنية "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وفي ذلك فإنه يقدم تأصيلا للحكومات الإسلامية "الواقعية" ويرد الموقف والفهم في مسألة الحكم الى القواعد الاساسية في الدين، ومنها أن "حكم الناطق بشهادتي (أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) أن نعتبره مسلما تجري عليه أحكام المسلمين، وليس لنا أن نمحض صدق شهادته"ولم ترد "الحاكمية" "حاكمية الله" في الكتاب والسنة ولكنه مصطلح حديث، ولكن ورد لفظ الحكم "إن الحكم إلا لله" (سورة يوسف 40) وهناك أيضا قوله تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" (النساء 65)..

يقول الهضيبي: "وقد توهم البعض في قول المودودي (المصطلحات الأربعة في القرآن) أن من مقتضى الإيمان ألا يكون الحكم والأمر والتشريع إلا بيد الله استحالة أن يأذن الله على للناس أن يضعوا لأنفسهم بعض التنظيمات أو التشريعات التي تنظم جانبا من حياتهم، وهذا فهم خاطئ، كما أن عقولنا ليست حاكمة على الله بشيء، فلا يجوز لمسلم أن يجعل من عقله حدّا لسلطة الله تعالى، والذي ينفي أن يكون الله عز وجل أذن للناس في وضع بعض التشريعات أو التنظيمات إنما يحدّ بعقله من سلطان الله، والحق أن الله ترك لنا كثيرا من أمور دنيانا ننظمها حسبما تهدينا إليه عقولنا في إطار مقاصد عامة وغايات حددها وأمر بتحقيقها، وبشرط ألا نحل حراما أو نحرم حلالا" ولا يملك أحد ان يبيح محرما، وأما المباحات فإن للمسلمين أن يسنوا فيها من الأنظمة التي قد تتخذ شكل قرار أو لائحة أو قانون، وهي تشريعات لا يجوز أن يزعم أحد أنها من تشريع الله
وما من احد إلا وغاب عنه شيء من أحكام الشريعة وبعض من أوامر الله، وما من أحد إلا وقد أخطأ في حكم من أحكام الشريعة "فمن أخطأ في اعتقاد او حكم جهلا فإنه وإن كان مخطئا محكوم بإسلامه وإيمانه" حتى الرسول يمكن أن يخطئ في الحكم كما في الحديث "إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر مثلكم، ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من أخيه من الآخر، فأقضي على نحو ما اسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار"

ويرد على القائلين بأن الحاكم بمعنى ولي الأمر الذي لا يحكم بما أنزل الله كافر، بصريح قوله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وقالوا أيضا إنه حكم معلوم من الدين بالضرورة فمن توقف عن الحكم على ذلك الحاكم بالكفر فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة، وأن من لم يحكم بتكفير ذلك الحاكم فهو بدوره لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، وهكذا يقول الهضيبي: "وقد توهم البعض أن قول الله عز وجل "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" مقصود به الحاكم بمعنى ولي الأمر أو القاضي، وهذا غير صحيح، وإنما الآية عامة في كل حكم في دين الله تعالى، سواء كان ولي أمر أو قاضيا أو مفتيا او غير ذلك من عامة الناس، إذ ان تخصيص النص بغير برهان مما لا يجوز شرعا، ذلك أن معنى الحكم هو إنفاذ الأمر في قضية ما، وهو في الدين تحريم أو إيجاب أو إباحة مطلقة أو بكراهية أو باختيار، (الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، 1/49) فالحكم إذن بإنفاذ الامر أو وضع صفة شرعية للشيء أو الفعل." وفي قواميس اللغة فإن من معاني الحكم القضاء، والحكمة، والإتقان والتصرف أو التحكم، والحكم: التنفيذ.

وعلى هذا الأساس فإن كل قرار أو فعل او اعتقاد هو حكم أو مبني على حكم "وإذ ذلك هو معنى الحكم فإن كل معتقد في دين الله يكون باعتقاده حاكما فيما اعتقد، ويكون كل قائل في دين الله حاكما بقوله فيما قال به، ويكون كل عامل حاكما بعمله الذي فعله، ويستوي في ذلك ولي الأمر والقاضي والمفتي وأي شخص" وقد ورد في الخبر الصحيح أن ابن عباس وطاووس اليماني قالا إن الآية ليست على ظاهرها وإطلاقها وإن الكافر هو من حكم بغير ما انزل الله جاحدا وبذلك قال السدي وعطاء وجميع فقهاء اهل السنة وجميع الفرق الإسلامية"

ويحتج البعض بالآية القرآنية "ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به" (النساء 60) والآية "والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى" (الزمر 17) والطاغوت في اللغة عند العرب ما عبد من دون الله، الوثن او الشخص، وقد يكون الشريعة الزائدة عن حد الله تعالى.. وفرق كبير بين أن نكفر بالطاغوت فننكره ونجحده ونكذب بدعواه ولا نتبعه ولا نطيعه وبين ان نصدر عليه حكما بانه كافر، فهذه قضية وتلك قضية أخرى متمايزة عنها ومختلفة.

ويؤكد الهضيبي أنه "لا بد حتى يكون الحكم بالكفر أن يكون معلنا بالكفر وان يكون متبرئا من دين الإسلام جملة وعلانية بحيث لا يجوز الاختلاف في حقيقة صفته، أما من يظهر الإسلام ويأتي علنا شعائره ولكن يكون كفره من جهة تحتاج إلى علم ببعض أعماله وأقواله على حقيقتها وعلى حقيقة أمر الله تعالى فيها فهذا في الأغلب مما تختلف فيه الآراء ويخفى أمره على كثير من الناس خاصة عامتهم، فلا يتأتى القول بأن عامة الناس أو المتأولين قد خرجوا عن الحكم الواجب وصفه به، وأنهم بذلك آثمون أو كافرون" عدا أيضا عن الإعذار بالجهل والخطأ والإكراه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :