مصلحتنا :وقف الحرب العبثية في سوريا!
د.زهير أبو فارس
20-07-2025 12:50 AM
ما يجري في جنوب سوريا، وتحديدا الصدامات المسلحة المؤلمة بين إخوتنا الموحدين(الدروز) والقبائل العربية ، ليست صدفة او حالة طارئة تشكلت ذاتيا لوحدها،بل فتنة حقيقية ومؤامرة مكتملة الأركان، تم استحضارها من ماضي العلاقات بين طرفي النزاع ،واختيار توقيتها من قبل الكيان الاسرائيلي، الذي لا يخفي أهدافه ومخططاته المعلنة بالتدخل في كل ارجاء المنطقة ، بل وحتى في مجمل الفضاء العربي والإسلامي. اما بخصوص سوريا، فقد انخرط بتدخلاته العدوانية منذ اليوم الأول للانقلاب الذي اطاح بنظام الأسد ، وانه لن يترك سوريا بحالها في تقرير مصيرها،ووصل بالعدو الأمر إلى تدمير البنى العسكرية للجيش السوري ، واعلان جنوب سوريا مناطق منزوعة السلاح، مستغله في ذلك التناقضات المذهبية ، بهدف الاجهاز على كيان الدولة السورية، وابقائها دولة فاشلة تنخرها الصراعات العرقية والطائفية. وبذلك تحييد سوريا وما تمثله من بعد استراتيجي عربي فاعل في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي.
وفي هذا السياق، ولخدمة الأهداف أعلاه، فإن الأحداث الماساوية الجارية في الجنوب السوري تصب في طاحونة العدو الواحد لكلا الطرفين ، هذا العدو الذي يستغل الخلافات والحساسيات التاريخية بين أبناء المنطقة لإيقاظ الفتنة والعبث بالوحدة والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد، وهي أحداث بالنسبة لنا في الاردن، قيادة وشعبا، تمثل صراعا عبثيا يهدد امن المنطقة ومصالح المكونين الاجتماعيين المتصارعين ، اللذين يرتبط بلدنا بهما بعلاقات تاريخية خاصة ، بل ولا يمكن لنا ان نكون لا مبالين تجاههما او ندير الظهر لهما ، بسبب عاملي الأمن والتاريخ.
من هنا ، فإن التعامل مع هذه الأحداث المؤسفة يتطلب الحكمة ، وبذل كل جهد ممكن لاحتوائها ، واطفاء نار الفتنة، ومنع التجييش المذهبي الذي تقوم به دول وجماعات ،عن علم او جهل. فالموحدون أهلنا وشركاؤنا في التاريخ والمصير ، وقدموا الكثير لنصرة قضايا الأمة، وكذا القبائل العربية إخوتنا وامتدادنا الديموغرافي والجغرافي. اي أن القتال الجاري بين الأشقاء والجيران، يجب أن يتوقف وأن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، وقطع الطريق على أعداء الأمة ومخططاتهم الشريرة التي تستهدف سوريا والمنطقة باسرها.
ويقينا ان بيان الدول العربية العشر وتركيا لوقف الفتنة ،ورفض التدخل الاسرائيلي في الشأن السوريي يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح،كما يجب أن يؤسس لموقف عربي أكثر قوة، بحيث يعقبه إجراءات وتحركات على كافة المستويات الإقليمية والدولية لوضع حد لهذا الصراع الدامي الذي تغذيه وتنفخ في نار فتنته إسرائيل والقوى المؤيدة لها.
وأخيرا، فان الأردن، وبحكم علاقاته المميزة مع طرفي النزاع يشعر بالالم والاسى للدماء التي تراق ، ولن يدخر جهدا لوقف الاقتتال وحقن الدماء ، ويدين بشكل واضح التدخلات الاسرائيلية في الشأن السوري والاعتداءات على الأراضي والسيادة.
فهذا القتال العبثي، الذي يشجعه نتانياهو وزمرته اليمينية العنصرية، يجب أن يتوقف في الحال، وأن تعود الأطراف المتصارعة إلى طاولة الحوار ،من أجل السلم المجتمعي، والعيش الآمن المشترك، في دولة النظام والقانون.
الغد