الاقتصاد ما بين الأرقام والآمال!
د. عادل محمد القطاونة
29-07-2025 12:08 AM
الناتج المحلي الإجمالي، الدين العام، البطالة، الفقر، الاستثمار، التضخُّم، الميزان التجاري، الإنتاج الصناعي، احتياطيات البنك المركزي، الفائدة، النمو الاقتصادي، ضريبة الدخل، ضريبة المبيعات، الحد الأدنى للأجور، كلها مؤشرات ومسميات اقتصادية تستدعي التحليل والتقييم، المتابعة والدراسة.
المنتدى الاقتصادي الأردني استضاف قبل أسابيع قليلة مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، بيَّن من خلالها أن ما نسبته (90%) من المبيعات والإيرادات في المملكة جرى توثيقها ضمن نظام الفوترة الوطنيّ للمنشات المستهدفة، بقيمة تجاوزت (68 مليار دينار أردني)، وأن عدد الفواتير التي تُصدر يومياً تجاوز المليون فاتورة، والمكلَّفين المنضمين لنظام الفوترة بلغ عددهم (108 آلاف مكلَّف)، يُشكِّلون (98%) من حجم مبيعات السلع والخدمات في الأردن، ممّا يُعطي مؤشراً إيجابياً على نجاح النظام.
على سبيل المقارنة والربط بين الأرقام، فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي حسب البيانات الرسمية نحو (53.35 مليار دولار) اي حوالي (37.88 مليار دينار) بينما بلغت تحصيلات دائرة ضريبة الدخل والمبيعات والمساهمة الوطنية لعام 2024 مبلغ (6.08) مليار دينار، في مقابل ذلك بلغت المديونية حسب نشرة شهر 5 لعام 2025 مبلغاً وصل إلى (35.8 مليار دينار) أي ما يعادل حوالي (50.5 مليار دولار أمريكي) لتُشكِّل ما نسبته حوالي (94%) من الناتج المحلي الإجمالي منسوباً إلى الأرقام المسجَّلة، مع الأخذ بعين الاعتبار تمويل عجز الموازنة وتمويل خسائر شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه؛ مع الاخذ بعين الإعتبار أن إجمالي الدين العام مع أخذ استدانة الحكومة من صندوق استثمار الضمان وصل إلى نحو (45 مليار دينار) أي ما يعادل حوالي (63.45 مليار دولار)، تُشكِّل ما نسبته (117.4%) من الناتج المحلي الإجمالي.
ارتفاع مستويات استدانة الحكومة من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي لتصل بنهاية العام 2024 إلى (9.279 مليار دينار)، أي ما يعادل نحو (13.113 مليار دولار)، وتجاوزت (10.21 مليار دينار) خلال العام 2025 قابلها ارتفاع في موجودات صندوق الضمان الاجتماعي مع نهاية العام 2024 بقيمة (1.3 مليار دينار) لتبلغ حوالي (16.1 مليار دينار) أو ما يعادل نحو (22.70 مليار دولار) بنهاية العام 2024؛ كما وأظهرت بيانات البنك المركزي الأردني إرتفاعاً في احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى تجاوز قدره (22.8 مليار دولار) بنهاية شهر أبريل 2025.
الحكومة الحالية بدورها قامت خلال العام 2025 بالحصول على قروض ميسَّرة في شهري آذار ونيسان بقيمة مليار دولار، إضافة إلى إصدار صكوك إسلامية بسعر فائدة تنافسي بلغ (4.8%) بهدف تخفيض كُلفة الفوائد وتخفيف العبء على المالية العامة، وخلق فُرص لتمويل المشاريع الرأسمالية، كما وقامت بإيداع مليار دولار من هذه القروض لدى البنك المركزي الأردني، لكنها ظهرت ضمن رصيد المديونية في نهاية إبريل؛ قامت الحكومة، بناءً على ذلك، بتسديد سندات “اليوروبوند” بقيمة مليار دولار خلال الأسبوع الأخير، دون اللجوء إلى إصدار سندات “يوروبوند” جديدة، التي قد تصل أسعار فوائدها في الظروف العالمية الراهنة إلى نحو (9%).
أخيراً وليس آخراً، تسعى الحكومة الحالية إلى تحسين هيكل الدين لتقليل كُلفة الفائدة؛ فسدادها لحوالي (750) مليون دينار أردني من الديون، وإصدار أدوات نقدية بقيمة (1.175) مليار دينار لتدبير السيولة بشكل ذكي تماشياً مع برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي (IMF)، كان من ضمن مجموعة من الإصلاحات التي أقرّتها خلال العام 2025. ولكن، وفي ظل المعطيات الحالية والمتغيرات الاقتصادية والسياسية المحلية والعالمية، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الحكومة وضع الدين العام على مسار تنازلي ليصل إلى نسبة (80%) من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2028؟ وهل يستطيع نظام الفوترة الوطني بعد مروره في مراحله الثلاث تحقيق إضافة جذرية في منظومة الإصلاح المالي والاقتصادي؟.