facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السياسات والخدمات الحكومية المبتكرة


د. صالح سليم الحموري
04-08-2025 12:00 PM

نبحث بلا توقف عن حلول مبتكرة وأفكار خلاقة. نُنفق الأموال على "مراكز الابتكار"، ونُعقد ورش العصف الذهني، ونُطلق مبادرات لدعم الإبداع… لكننا نغفل عن منجم ذهب حقيقي بين أيدينا: الأطفال.

بحسب دراسة "مخيفة" أجرتها وكالة ناسا، تبيّن أن نسبة الإبداع لدى الأطفال بعمر خمس سنوات تبلغ 98%. ولكن المفاجأة كانت حين أعيد نفس الاختبار بعد خمس سنوات، إذ انخفضت النسبة إلى 30% فقط، ثم إلى 12% في سن الخامسة عشرة. وعندما طُبّق الاختبار ذاته على 280 ألف شخص بالغ بمتوسط عمر 31 عامًا، كانت النسبة 2% فقط!

نعم، الإبداع يتناقص مع التقدُّم في العمر. وهذا ليس مجرد رقم عابر، بل ناقوس خطر يدق بشدة: نحن نخسر قدراتنا الفطرية على الخيال والتجديد كلما تقدمنا في السن – في الوقت الذي تزداد فيه حاجتنا إليها. أليست هذه مفارقة عجيبة؟!

إن عقول الأطفال غير مقيّدة بعدسات "المستحيل" التي تلبّسنا نحن الكبار. لا يخافون من طرح الأسئلة البسيطة والعميقة في آن، لا تقيّدهم القوالب، ولا تمنعهم اللوائح من التفكير الحر. وبهذا، يملكون الشرارة الأصلية لأي فكرة عظيمة.

ولعل ما يؤكد ذلك هو أن بعض أعظم الابتكارات في السياسات والخدمات الحكومية جاءت من أفكار لم تُراعِ ما "يُفترض أن يكون"، بل تجرأت على التفكير بما "يمكن أن يكون" – تمامًا كما يفعل الأطفال:

في إستونيا، أُعيد اختراع مفهوم الجنسية من خلال "الجنسية الرقمية" (e-Residency) ، التي تتيح لأي شخص تأسيس شركة رقمية في إستونيا دون أن يغادر بلده، في ابتكار ثوري تجاوز المفهوم التقليدي للجغرافيا والحدود.

في دبي، أطلقت شرطة دبي دوريات ذاتية القيادة تقوم بجولات دون تدخل بشري، مزودة بتقنيات ذكاء اصطناعي وكاميرات ذكية، مما غيّر طريقة تقديم الخدمة الأمنية جذريًا.

في كوريا الجنوبية، أُنشئت منصة وطنية للأطفال لتقديم اقتراحات لتعديل القوانين أو تطوير الخدمات. أحد الأطفال اقترح قانونًا لإجبار المدارس على تخصيص وقت للراحة النفسية، وتم عرضه فعلًا على البرلمان.

في بريطانيا، اختصرت الحكومة سبع بوابات إلكترونية مختلفة في واجهة رقمية واحدة لتقديم الدعم الاجتماعي، ضمن نظام "زر واحد" (Universal Credit)، ما جعل التقديم للخدمات بسيطًا كما لو كان تطبيقًا صُمم بعقلية طفل.

وفي الإمارات، تعمل مختبرات الابتكار الحكومي على إشراك موظفين ومواطنين – وأحيانًا طلبة مدارس – في تصميم حلول واقعية لتحديات مؤسسية، باستخدام أدوات التفكير التصميمي والتجريب. ومن أبرز نتائجها تقليص خطوات إصدار الرخص من 20 إلى 5 فقط.

كل هذه الابتكارات، ما كانت لتحدث لو خنقها الخوف من الفشل، أو قُتلت في مهدها بالروتين.

فلنتعلّم من الأطفال قبل أن نُلقّنهم الخوف من الخطأ. فلنُشركهم في ورش العمل، فلنرسم معهم، ونحلم معهم، ونُعيد تذكير أنفسنا بأننا كنّا يومًا مثلهم، نرى في صندوق الكرتون سفينة فضاء، وفي الرمل مدينة، وفي الحكاية اختراعًا.

إذا أردت أن تُبدع… فاستعن بطفل!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :