"التعديل الوزاري" وما يدور في عقل "دولة الرئيس"
فيصل تايه
05-08-2025 10:36 PM
بعد أن اعلن مكتب دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إجراء التعديل الوزاري الأول "الموسع" يوم غد الاربعاء ، والذي ياتي بعد مرور نحو عام على التشكيل ، والذي سيشمل ثلث الفريق الحكومي، ونصف فريق التحديث، في سابقة الأولى من نوعها ، اذ لم يصدر من قبل على لسان مكتب الرئيس، كما لم يحدد من قبل موعدا رسميا لاجراء التعديلات على التشكيلات الحكومية، ما يؤكد التزام الرئيس بأنه لن يجري تعديلا على حكومته قبل مرور نحو عام ليكون منح الفرصة الكافية امام وزرائه ليقوموا بواجباتهم خير قيام وبكل همة ومسؤولية .
إن دولة الدكتور جعفر حسان وفي تقيمه لبعض الحقائب الوزارية للمرحلة السابقة واستشرافه المستقبلي لإيجاد معالجات حقيقية في ضوء التحديات الحاصلة ، اتجهت افكاره لإجراء بعض الجراحات لجسم بعض وزارت حكومته ، وذلك بعد مراجعة أداء تلك الوزارات وضرورة اعطاءها جرعة تنشيطيه ، ما احتاج الى تغيير الادوار وضخ دم جديد في الحكومه باختيار شخصيات "متناغمة" جديدة بوزن التحديات المقبله ، في تلميحات واضحة أن وزراء جدد سيدخلون الحكومة من المشاركين في ورشات المرحلة الثانية لرؤية التحديث الاقتصادي التي استضافها الديوان الملكي الهاشمي خلال الفترة الماضية .
لقد اتخذ دولة الرئيس رؤية مختلفة عن رؤية الحكومات السابقة ، فمن الواضح انه اختار عدم تكرار النهج الذي اتبعته الحكومة السابقة في التعديل بأسلوب "التجريب" ، فما نحتاجه من "ثبات" في المواقع يعد مهماً للانطلاق نحو مرحلة عمل جاد في سياق استكمال برامج التحديث وتهيئة الفرص المناسبة لتنفيذها ، ذلك ان دولته "متمهل" بطبيعته ، حيث افكاره تتجه نحو دراسة الواقع المحلي والإقليمي والدولي ، ما يبين حرصه في ضوء التحديات الحاصلة للخروج من دوامة التجاذبات المختلفة ، فيما تتباين الآراء والانطباعات ان دولته يسعى جاهداً وبكل طاقته لمواجهة الاحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية بكل همة ومسؤولية ، فالوضع لا يحتمل تغيير بعض الوزارء وتبديلهم بوجوه "نامقة" ، لكن بتقديره فان تحديات المرحلة القادمة بكل "تفاصيلها" تتطلب تغييراً في النهج والسياسات وأسلوب الاداء ، فكمّ الملفات العالقة تحتاج إلى الحنكة والخبرة المشفوعة بالنزاهة والعمل الجاد لكل من يمد يده لمساعدة الوطن .
ويبقى الشارع الاردني بكافة أطيافه بحالة انتظار ليوم غد متطلعين الى ان ينجح دولته في اعادة تشكيل طاقمه الوزاري على انه "طاقم حكومي مهني" ووفقاً لمبدأ الكفاءة ، ليحوي مزيجاً من التكنوقراط والبيروقراط ، فالمؤمل انتقاء أفضل المختصين من "اصحاب الذوات" في مجالاتهم العلمية والمهنية ، وممن تتوافر لديهم شمولية الرؤية ومهارة اتخاذ القرار الصائب في وقته وزمانه ، ومن القدرات الوطنية الجديدة القادرة على احداث التغيير المنشود ، ما يقتضي ان يكون الاختيار بعيار يوزن بميزان العمل الجاد ، ليتعالى الجميع عن كل المصالح ويحلقون مع المصلحة الوطنية العليا دون سواها .
مما تقدم، سنرى ماذا يخبئ لنا يوم غد بعد ان "ينفض المولد" ، ويمكن ان تكون التخمينات "غير متوقعة" يراها دولة الرئيس الأنسب لمتطلبات الواقع في المرحلة القادمة ، لكننا وحسب رغبة الشارع الاردني نتوقع ان يضيق هامش النخب المكررة وجوهها ، بعيداً عن هيمنة شخصيات اعتدنا رؤيتها ، دونما أية حاجة لتسمية أشخاص بعينهم ، ونأمل ان نرى تشكيلة وزارية قادمة تتوشح بأسماء وازنة ، فالأردن لا يخلو من "الصفوة" لياتي التغيير من العمق ويستجب للرغبات الوطنية ، مع تجنب "الانتقاد المحظور" بحق بعض اصحاب المعالي "الحاليين" ولننتظر مايدور في عقل دولة الرئيس ، فليس من المعقول ان "نطلق الاحكام" قبل ان يظهر المعدن النفيس في اختياره المقبل .
بقي أن أقول ان دولة الرئيس يدرك اننا امام تطورات إقليمية ودولية متزايدة ، اذ يشهد المحيط الإقليمي العديد من المخاطر والتحديات البارزة ، اضافة الى المهددات المعقدة والمتغيرة جيوسياسيا، الأمر الذي يجعل ملف التعامل مع تلك المعطيات على رأس أولويات الرئيس ، ليبقى الاردن ركيز الاستقرار في المنطقة ، كما واننا امام مرحلة تتطلب انسجام وتوافق بينها وبين رؤى غالبية الأطراف السياسية الداخلية ، مع ضرورة الحفاظ على التحول الديمقراطي الذي اتخذناه هدفاً وغاية ، خاصة معالجة التجاذبات التي حصلت خلال الفترة الماضية ، بعقل الدولة الديمقراطية الحرة ، ما يتطلب خلق توازن داخلي وانتماء وطني من شأنه التصدي لكل الدعوات السامة التي من شأنها المساس بأمن الأردن واستقراره لا قدر الله .
والله ولي التوفيق..
مع تحياتي..