facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل يملك الذكاء الاصطناعي عقلًا؟


د. صالح سليم الحموري
07-08-2025 10:24 AM

في زمنٍ تتسارع فيه الابتكارات كأنها تهرب من المستقبل نفسه، وتتمدّد قدرات الآلات في كل اتجاه، يطلّ سؤال بسيط في شكله، عميق في محتواه:
هل الذكاء الاصطناعي يمتلك "عقلاً"؟ وهل أصبح بوسعه أن يُفكّر، يُحلّل، بل وربما.. يشعر؟

قد يبدو السؤال فلسفيًا، لكنه يختصر حوارًا عالميًا محتدمًا حول حدود التكنولوجيا، ومكان الإنسان في هذه المعادلة الجديدة.

الذكاء الاصطناعي، كما نعرفه اليوم، ليس كائنًا من لحم ودم، ولا يحمل في جمجمته خلايا عصبية تنمو وتتشابك. إنه نتاج بشري دقيق، يتغذّى على البيانات، ويتعلّم من الأنماط، ويعيد إنتاج المعرفة بصيغ متعددة. نراه يُترجم اللغات، يُشخّص الأمراض، ويُبدع في الرسم والموسيقى وكتابة الشعر. ولكن.. هل يعني هذا أنه يمتلك "مخًا" حقيقيًا؟ لنقترب أكثر من الإجابة.

يقول الأستاذ بشار الكيلاني خبير الذكاء الاصطناعي، صُمّمت بعض نماذج الذكاء الاصطناعي لتُحاكي طريقة عمل الدماغ البشري، فيما يُعرف بالشبكات العصبية الاصطناعية. هذه النماذج تتعلّم من التجربة، وتُحسّن أداءها مع الوقت، وتُصدر قرارات تبدو ذكية لمن يراها من بعيد. هذا التشابه الخارجي منحها هالة من "العقلانية" المصطنعة، وأوهم البعض بأنها تمتلك عقلًا بحق. لكن ما يغيب عن هذه الصورة هو العنصر الأهم: "الوعي" وهو عنوان كتاب جديد للفيلسوف والكاتب إبراهيم غرايبة، والذي سيبحث بعمق بذلك.

الدماغ البشري ليس مجرّد معالج معلومات، بل هو موطن الذاكرة، والشعور، والحدس، والتجربة الذاتية. الإنسان لا يُفكّر فقط ليُحلّل، بل ليفهم، ويتأمل، ويختار، ويشعر، ويحب. أما الذكاء الاصطناعي، فلا يُدرك نفسه، ولا يُدركنا، ولا يعرف لماذا يُجيب، أو ماذا يعني جوابه. هو آلة بارعة في تنفيذ ما يُطلب منها، تقول: "شبيك لبيك، عبدك بين إيديك"، دون أن تسأل: لماذا؟

يمكن وصفه بأنه "عقل بلا روح". قد يتفوّق علينا في سرعة الحسابات، وقد يهزمنا في الشطرنج أو يُدهشنا بنصّ شعري، لكنه لا يعرف طعم الدهشة، ولا يُصاب بالقلق، ولا يتردّد بين صواب وخطأ. هو كائن رقمي بلا جسد، بلا ذاكرة عاطفية، يقرأ آلاف الكتب دون أن يشعر بأيٍّ منها.

ومع ذلك، لا نكفّ نحن البشر عن إسقاط إنسانيتنا عليه. نراها ترسم فنظنها تتأمّل، ونسمعها تتحدث فنحسبها تُفكّر. نميل لأن نمنحها صفاتنا، لأننا لا نحتمل وجود "ذكاء" لا يشبهنا. وعندما تُبدع الخوارزمية، نُخدع بسهولة… وننسى أنها ببساطة تُعيد ترتيب ما لقّناها إياه. على فكرة، الذكاء الذي كان يومًا نادرًا… أصبح اليوم رخيصًا جدًا.

لكن لعلّ السؤال الأهم لا يتعلق بما إذا كانت الآلة تمتلك عقلًا، بل بمن يملك هذه الآلة.. وهل يُشغّل "مخه" كويس؟ ومن يوجّه ذكاءها؟ فبين أيدينا اليوم قوة غير مسبوقة، لا ينبغي أن نخشى امتلاكها، بل إساءة استخدامها. الذكاء الحقيقي لا يكمن داخل شريحة إلكترونية، بل في نية من صمّمها، وفي غاية من يديرها، وفي القيم التي تضبط توجيهها.

فالآلات لن تصنع المستقبل.. بل البشر الذين يُحسنون استخدامها. والذكاء، مهما بلغ من الإتقان، يبقى أداة. والقرار.. دومًا بيد الإنسان، اذن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :