عندما يصبح كلّ شيء باهتًا
هبة الكايد
11-08-2025 09:55 PM
شيء مؤلم أن يمرَّ عليك وقتٌ تنصهر فيه كلُّ الأحاسيس في بوتقة واحدة، فتصبح الأفراح والأحزان والإنجازات والإخفاقات في كفَّة واحدة، وكأنّها حالة من اللامبالاة الكاملة، فلا تعود الألوان مرئية، ولا الأصوات مسموعة، وفجأة تتلاشى المشاعر، ويعمُّ حزن غريب، وفراغ داخلي غير مفهوم.
قد نشعر أحيانًا بأننا متعبون أو مرهقون، لكن مع مرور الوقت نكتشف أنّ المشاعر لم تعترض دربنا أصلًا، لم نعد نشعر بلهفة البدايات، ولا بحرارة اللقاءات، ولا حتى بألم الفراق، وكأن الكون بكلِّ معالمه بات مجرد خلفية معتمة، ونحن نمشي فيه كظلال لا تترك أثرًا.
والخطورة في ذلك أن هذا كله يمنعنا من التفاعل مع الحياة بشكل طبيعي، فلا يعود لدينا دافع للسعي نحو الأحلام، لأن تحقيقها لن يجلب لنا السعادة، وكذلك نفقد شعورنا بالحاجة إلى التواصل مع الآخرين، لأن وجودهم وغيابهم سواء، فيصبح العيش مجرد روتين آلي نؤدي فيه واجباتنا دون روح، وكأن سدًّا منيعًا يحول بيننا وبين أي فرصة جديدة للشعور بالحياة مجددًا.
ولكن.. هل هذا هو موت القلب؟ وإن كان كذلك، فهل يمكن للقلب أن يعود إلى الحياة بعد موته؟ عذرًا، فالإجابة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة، والأمر يتطلّب وعيًا كاملًا بهذه الحالة، وشجاعة لمواجهة كلّ تفاصيلها، بل وربما يكون العلاج في البحث عن شرارة صغيرة تضيء العتمة، وقد تكون هذه الشرارة في تجرِبة جديدة، أو في مساعدة شخص محتاج، أو في العودة إلى هواية قديمة نسيناها، وربما – للأسف – لا هذا ولا هذه ولا تلك.
وفي الحقيقة، في هذه الحالة، الحل ليس مجرد أن نسلك رحلة طويلة لإعادة بناء الجسور المقطوعة مع مشاعرنا فحسب، بل هو أيضًا في إعادة إحياء القدرة على الشعور والتمييز بين مشاعر الفرح والحزن مرة أخرى... ولكن ...!