أطفالنا كيف نحميهم في بوتقة الذكاء الاصطناعي
ماجدة الشوبكي
12-08-2025 11:57 AM
لقد بات الذكاء الاصطناعي ،شريكا دائما في تفاصيل حياتنا اليومية ،وبينما تتوسع استخداماته، في التعليم والترفية والتواصل ، تظهر مخاطر جديدة تتربص بالفئات الأضعف، في المجتمع ،وعلى رأسهم الأطفال.
الخطر هنا لا يأتي من الجهاز ذاته ،بل من الاستخدام السيئ للذكاء الاصطناعي ، من قبل فئات سيئة ، تسعى لاستغلال براءة الأطفال، عبر أدوات تبدو ذكية ومقنعة، لكنها في جوهرها أدوات احتيال مموهة.
قد أصبح بإمكان المحتالين ، استخدام تقنيات التزييف العميق ،لتقليد وجوه الآباء، أو إنشاء شخصيات افتراضية ،تشبه الأطفال وتخدعهم، نفسيا وسلوكيا ،وتنشر روبوتات المحادثة ،التي توهم الطفل بأنه يتحدث مع صديق حقيقي ، بينما هو يتفاعل مع آلة، لاستدراجه أو التأثير على قراراته ، وقيمة وسلوكه وفكرة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، لماذا الأطفال ؟
ببساطة يأتي الجواب :
لأنهم مستخدمون نشطون لهذه التقنية، ولا يملكون أدوات النقد ، أو الفهم الكافي لما وراء الشاشات ،ويثقون بسرعة في العالم الرقمي ،وبطبيعتهم يحبون الاستكشاف ، كل هذا يجعلهم هدفا سهلا ، ويضاعف مسؤوليتنا ، الأهل والمربين.
ولحماية ؟أطفالنا من هذا الاحتيال المتقن، لا بد من إجراءات تربوية ،ووقائية فاعلة ، تتكامل فيها التوعية مع المتابعة ، والرقابة مع بناء الثقة .
لذلك من الضرورة أن يتعلم الطفل، كيف يميز، بين الحقيقي والافتراضي ،بين الموثوق والمزيف ،هذه المهارات ضرورة ،و هي أساس البقاء الآمن، في هذا العصر .
أمر تربوي آخر هام، هو بناء جسور من الثقة ،لأن الأطفال لا يحتاجون إلى من يراقبهم ، بل إلى من يستمع لهم ،يناقشهم ، يطرح عليهم الأسئلة باهتمام ، ليكون الصدى لدى الطفل ،هو الشعور الآمن ، والاحترام ، فالعلاقة التشاركية هي السلاح الأقوى، ضد الانغلاق ، أو السقوط ضحايا للرقمنة .
فمن خلال الرقابة الأبوية، وتحديد التطبيقات ، وضبط الإعدادات ،وكلها وسائل مهمة ، لكن يجب أن تكون هذه الإجراءات ،معلومة وواضحة للطفل ،حتى لا تتحول إلى رقابة خفية ، تدفعه لاستخدام أجهزة الآخرين ،أو البحث عن طرق لتجاوزها .
كذلك تعزيز التفكير النقدي ، والشك الايجابي ، مثلا : هل هذا منطقي ؟ ،هل يمكن أن يقول أبي هذا ؟ ،لماذا يريد هذا التطبيق معرفة موقعي ؟ ،لماذا يطلب مني هذه المعلومات ؟ وغيرها .
هذه الأسئلة البسيطة، إذا تعلم الطفل طرحها ، ستشكل حصانة داخلية ،ضد أي تلاعب خارجي .
كذلك من الأمور الهامة ، تحصين الطفل نفسيا ،وقيميا ، لان ذلك يشعره بالأمان والحب ، مع والدية ، ويكون أقل عرضة للاستجابة ، لأي تهديد أو إغراء ، فأن التربية بالقيم ، وبناء الهوية ، وزرع الثقة بالنفس ، هي من أهم الدفاعات الراسخة ، أمام أي احتيال .
الذكاء الاصطناعي ليس سيئا ، ويجب أن نخافه أو نخشاه ، لكن بالوقت ذاته ، ليس لعبة ، نترك أطفالنا يتعاملون معها بمفردهم ، أن حماية الطفل اليوم ، لا تعني فقط تأمين طعامه ولباسه ، بل أيضا عقلة الرقمي ،وتزويده بالأدوات التي تمكنه من التفاعل الواعي ، مع هذا العالم الجديد .
الأمان بالمستقبل ليس مسألة تقنيات فقط ، بل مسألة تربية واعية ،ومجتمع يملك البوصلة الأخلاقية ، في زمن تتكاثر فيه الوجوه ، ولا تعرف الحقيقة بسهولة.
* رئيس قسم العلاقات العامة والأعلام ووحدة تمكين المرأة والشباب - بلدية الشوبك