عمون - في تصريح مثير للجدل، دعا القيادي في حركة حماس خليل الحية الشعبين المصري والأردني إلى "الزحف" نحو الحدود، وكأنه يخاطب جمهورًا يعيش في فراغ سياسي وأمني، أو كأن المنطقة بلا دول ذات سيادة ومؤسسات تحكمها القوانين. هذه الدعوة تكشف عن انفصال واضح عن الواقع وابتعاد كامل عن منطق العقلانية السياسية.

مصر والأردن ليستا ساحات عبور أو ميادين اختبار للشعارات الثورية، بل دولتان ذات سيادة، لهما حساباتهما الاستراتيجية وتقديراتهما المبنية على مصلحة شعوبهما وأمنهما القومي. مثل هذه الدعوات تتجاهل تمامًا أن قرار الحرب والسلم هو قرار سيادي، وأن تجاوز الدولة يعني الدعوة إلى الفوضى وتقويض النظام العام.

كما أن تجاهل الأولويات الوطنية للشعبين المصري والأردني يعكس قصورًا في إدراك الواقع المعيشي. شعوب المنطقة تعاني من أعباء اقتصادية وضغوط حياتية، ولا يمكن مطالبتها بمغامرات عاطفية غير محسوبة النتائج، خصوصًا في ظل ميزان قوى عسكري وسياسي شديد التعقيد.

ودعوة خليل الحية وغيره من القيادات الحماسوية ما هي إلا دليل على حجم المعاناة التي يكابدها الشعب الغزّي من تلك القيادات، التي عجزت عن تقديم حلول سياسية أو رؤية استراتيجية، واكتفت بتصدير الأزمات للخارج بدل مواجهتها في الداخل. فبدلًا من معالجة آثار الحصار والانقسام، تتفنن هذه القيادات في إطلاق شعارات تحشد الجماهير دون أن توفر لهم لا الحماية ولا البديل.

اليوم، المطلوب من قيادة حماس التنظيمات الجهادية كافة في غزة فك أسر جميع الرهائن فورًا لوقف معاناة أهلنا في القطاع، وتسليم السلاح للسلطة الفلسطينية، والابتعاد عن المشهد السياسي والعسكري، لإتاحة الفرصة للسلطة الفلسطينية كي تستثمر اللحظة التاريخية في إقامة دولة فلسطينية مسالمة تعيش بأمن مع جيرانها العرب وإسرائيل، وتعيد القضية إلى مسارها الدبلوماسي الصحيح، بعيدًا عن الشعارات والمغامرات التي أثبتت فشلها.