facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الريادة الاقتصادية


د. عادل محمد القطاونة
17-08-2025 09:26 AM

تُعدّ الريادة الاقتصادية اليوم ركيزة أساسية في تقدم الدول واستقرارها، إذ تُبنى مكانتها على اقتصاد يتسم بالكفاءة والمرونة والقدرة على التكيّف مع الأزمات والمتغيرات العالمية. وفي ظل السباق الدولي نحو تعزيز النفوذ الاقتصادي، بات من يمتلك مقومات اقتصاد ريادي هو الأقدر على تحقيق التنمية المستدامة في الحاضر والمستقبل، وقيادة مسارات التحول في مختلف القطاعات الاقتصادية.

لقد استطاعت بعض الدول أن تحقق ريادة اقتصادية كبيرة مثل ألمانيا في التصنيع والهندسة، وسنغافورة في التسهيلات الاستثمارية واللوجستيات، والإمارات العربية في الابتكار والتحول الرقمي الحكومي. وعلى الرغم من الإصلاحات الاقتصادية الجذرية التي حققتها الدولة في السنوات الأخيرة، لا تزال البيروقراطية تشكل عائقًا حقيقيًا أمام استكمال مسيرة التنمية. فتعدد المرجعيات وتعقيد الإجراءات وعدم الاستغلال الأمثل للموارد كلها تحديات أثرت سلبًا في تحقيق الريادة.

نحتاج اليوم إلى مراجعة شاملة لأنظمتنا التكنولوجية والرقمية، التشريعية والإدارية بشكل شمولي وموضوعي وحيادي من أجل تطوير نظامنا الاقتصادي. فعلى سبيل المثال لا الحصر ما زالت بعض المواقع الإلكترونية والتطبيقات الحكومية تتطلب خطوات طويلة للتسجيل في النطام وقد يرافق ذلك العديد من الصعوبات التي قد تحدث عند التعامل معه من إنتظار أو تكرار، وقد يكون ذلك سببًا في ابتعاد المستثمر المحلي أو الأجنبي عن الانخراط الفعّال في النشاط الاقتصادي عبر عزوفه عن الاستثمار أو بحثه عن فرص استثمارية أخرى في دول أخرى. لذا، فإن تبسيط الإجراءات، سواء كانت ورقية أو إلكترونية، تنظيمية أو تنفيذية، سيشكل خطوة أساسية نحو بيئة أعمال متكاملة وجاذبة.

إن الانتقال نحو خطط تنفيذية واضحة تعتمد الشفافية والحوكمة والكفاءة المهنية والفنية، سيسهم في تفعيل الإنتاج الصناعي وتشغيل محركات الاقتصاد عبر استثمار الموارد المتاحة بأسلوب ابتكاري ريادي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الرقمية المتطورة. كما وتعتبر الثورة التقنية والتكنولوجية في قطاع الاتصالات والإنترنت ضرورة وطنية، تضمن سرعة الاتصال وكفاءته العالية، وهو أمر بات أكثر أهمية من أي وقت مضى لتعزيز أداء المؤسسات الحكومية والخاصة ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين على حد سواء. كما أن دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتفعيل أدوات التمويل المختلفة مثل بنك تنمية المدن والقرى، ومؤسسة الإقراض الزراعي، وبنك الإنماء الصناعي، بحيث تتحول من مجرد تمويلات تقليدية إلى أدوات استثمار إنتاجية تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي على أساس شمولي.

في عصر الاقتصاد الرقمي، أصبح دعم الابتكار المالي وتمكين شركات التكنولوجيا المالية FinTech من الركائز الأساسية. كما يُعدّ تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي AI والتقنيات الرقمية المتقدمة جزءًا مهمًا لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية. مع أهمية تبني ممارسات عالمية مبتكرة وتكييفها بما يتناسب مع احتياجات الدولة وإمكانياتها الاقتصادية والمالية.

لا يمكن الحديث عن نهضة اقتصادية دون إصلاح جذري في منظومة التعليم الجامعي. المطلوب تعليم نوعي يربط بين مخرجات النظام الأكاديمي واحتياجات سوق العمل، ويرتكز على بيئة رقمية متكاملة وأساليب تدريس حديثة. تتحول فيه الشهادة الجامعية إلى جواز عبور نحو الريادة في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، لا إلى شهادة جامدة دون تأثيرات مستقبلية فاعلة.

تعزيز البنية التحتية في جميع المحافظات هو حجر الأساس في إعادة التوزيع السكاني والتنمية المتوازنة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تفعيل فكرة "الأقاليم التنموية" وربطها بشبكات نقل نوعية مثل القطارات الكهربائية الحديثة، ما يسهم في تحريك عجلة الاستثمار وفتح آفاق جديدة في مختلف المناطق. القطار الكهربائي لم يعد ترفًا، بل بات ضرورة وطنية واستثمارًا استراتيجيًا يجب العمل على استقطاب تمويل محلي أو خارجي له، بما يضمن خدمة نوعية للمواطنين وتحقيق عائد مجزٍ للمستثمرين.

الأهم من وصف الحلول هو تشخيص التحديات بدقة. لذا فإن إعادة توجيه الاقتصاد الوطني تبدأ من توصيف واقعي لمقدراتنا، وتحليل علمي للفرص المتاحة، والتخطيط للاستفادة من الطاقات البشرية والموارد المتاحة بشكل استراتيجي. تتطلب فكرًا جماعيًا، وتعاونًا حقيقيًا بين مختلف المؤسسات والجهات.

الريادة في الاقتصاد الوطني ليس خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة حتمية تتطلب خطوات جريئة وممنهجة. من داخل المؤسسات الحكومية والخاصة، من الوعي بالكفاءات والمهارات، الفرص المتاحة والإمكانيات اللازمة، ومن الإيمان بأن الريادة لا تُمنح، بل تُنتزع عبر التخطيط الاستراتيجي والعمل الميداني، ومن خلال الفكر الاستثنائي والابتكار الإبداعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :