facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الوطن الحلم ومأمور المستودع


د.سالم الدهام
17-08-2025 03:21 PM

كثيرة هي الممارسات الرسمية التي باتت تعصف بالمواطن الفرد وطمأنينة، وتتجاهل أسئلته، وتلغي حضوره ، وتسلمه لمأمور المستودع العشائري الموكل بتصنيفه، ليحذفه أو يضيفه باعتباره شيئا من اللوازم العامة، وربما الزائدة وغير الهامة، وبناء عليه فقد يوعز للخزنة بإتلافه، فجميعهم من أصدقائه وأحلافه، وبينهم علاقات صهر ونسب، وهي مقدمة على القوانين والبلاغات والكتب، وعلى القواعد والرتب.

ليت الأمر يقف عند هذا الحد، فربما قيل إنه هزل لا جد، والفرد كالقرد ربما يبغي ثمرة عالية ليست في متناوله...أما جد الجد أن تلغى حقوق مجاميع بشرية تقدر بعشرات الألاف، فتحرم من ملك الآباء والأجداد، وتُقْطَعُ مئات آلاف الأطيان لصالح حفنة من الصناديد الأمجاد، من عصبة المأمور، على مرمى حجر من أولئك المحرومين غير المقربين، حتى صدق فينا وفيهم:

وكم رجلٍ يُعد بألف ألفٍ
وكم ألفٍ تمر بلا عداد

ممارسات استعدائية غير قانونية أساسها النفوذ، يمارسها المقاولون والمناولون باسم مؤسسات الوطن، وتلك والله من أصعب المحن، والوطن من ذلك براء، هو ومعه كل أبنائه الشرفاء.

إن أمناء المستودعات العشائرية الكبرى ليسوا بأمناء، ونحن بوجودهم لسنا سعداء، ذلك أنهم يعدوننا من ألد الخصوم والأعداء، فنحن ننافس الأشقاء والأبناء، وهذا غير مسموح به في زمن الابتلاء؛ لذا فقد أحكموا علينا الخناق، ثم شدوا رقابنا بالوثاق، يزعمون أنهم يرعون مصالحنا، وهم يرعوننا كما ترعى الذئاب الجائعة على غفلة قطعان الضأن الهاجعة، يفرخون إقطاعيبن من العصور الوسطى، ليمتطوا ظهورنا سلما للعلى، ويسلبون أرضنا، وتضيع أحلامنا على المدى، لا لحمة ولا سدى.

ثمة تجاوزات يتعايش معها المواطنون على مضض حتى لا يتهموا بأنهم يسعون لتأجيج الصراعات، وإثارة القيل والقالات، وجلد الذات، وتعكير صفو الأمن والسلم في القرى والبلدات، هذه الممارسات بعضها يمكن احتماله وتجاوزه كُرمى لعين الوطن الذي نخشع له في سكون ليله، ونشقى في مناكب نهاره، ونصبر في يسره وإعساره، صبر الجمال السواني، عطشى والماء جل الأماني ...لكن بعضها الآخر لا يمكن تقبله والسكوت عليه؛ لأنه يتجاوز حدود اللمم من الممارسات، والبسيط من الافتئاتات، ليصل حدود الظلم البواح.

والظلم البواح هو أن تكون مواطنا من أهل الصلاح، مؤمنا بالوطن وقيادته، متفانيا في خدمته، مرابطا على ثغر من ثغوره، خاشعا حين تتلى عليك فصوله، تسرد للجاحدين روايته، وتقص على الغائبين حكايته، ثم تطرد عن كل باب، ويشفق عليك الأهل والأصحاب، تصرخ ولا يجيبك أحد، وفي لغة الحساب تصير عشرات الألوف زيادة عدد، الظلم أن تنتهك حقوقك فتلجأ إلى القاضي فيقضي عليك، فتضطر لسد أذنيك، وابتلاع لسانك وشفتيك، ومعهما شيئا من وجدانك، وغيظك وآمالك، الظلم أن يجلد ظهرك، ويكسر صلبك فلا تتوجع، ويلطم وجهك فلا تتفجع، وتحرم فلا تتضرع وتدوسك الحوافر والأظلاف والأخفاف فلا تشكو ، فإن شكوت صرت في بطن الحوت، ظلمات بعضها فوق بعض...


الظلم أن تبيت على الطوى، فتأكل النوى، وحين تحلم بالطعام ، يتربص بك اللئام، فتنوشك المُدى والسهام، وتستيقظ عطشانا صاديا، ثم تنام على الظمأ، وتحلم بالرواء، وحين تغفو طلبا للسقاء تغرق في بحر لجي من فوقه موج، فتصحو وأنت تحلم بوطن يتكافأ فيه الجميع ...نحلم بوطن يسمعك حين تئن، وتبثه شكواك، وتقول له يا وطني أهواك ... يقول لك لا تحزن فالوطن للبسطاء.. نحلم بوطن لا تخشى حين تلجأ فيه إلى القضاء أن يقضي عليك، ويكبل يديك، ما زلنا نحلم بوطن ينصفنا، فيسمح لنا بالبكاء على ما يهرق من ماء الوجوه الكالحة، على أبواب أنصاف الآلهة الذين أوغروا صدر الوطن على أبنائه، ويطمعون في أن يخل لهم وجه أبينا ونسقط نحن في غيابة الجب... وفي الختام كتبنا رسائل كثيرة لكنها لم تصل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :