ولي العهد وخدمة العلم: رؤية للمستقبل وبناء للإنسان
د.مأمون الشتيوي العبادي
17-08-2025 11:41 PM
في لحظة فارقة من تاريخ الوطن، جاء قرار سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني بإعادة تفعيل خدمة العلم، ليحمل في طياته رسالة واضحة مفادها أن الأردن يضع شبابه في قلب مسيرة الإصلاح والتطوير. هذا القرار ليس مجرد إجراء تنظيمي أو إداري، بل هو رؤية وطنية بعيدة المدى، تستند إلى إيمان راسخ بأن بناء الإنسان هو أساس بناء الأوطان.
خدمة العلم… أكثر من واجب
منذ تأسيس الدولة الأردنية، شكّلت خدمة العلم رمزاً للعطاء والانتماء، وفرصة للشباب للانخراط في تجربة تعزز لديهم قيم الانضباط والجدية وتحمل المسؤولية. واليوم، يأتي القرار ليعيد لهذه الخدمة بريقها وأهميتها، ولكن بروح عصرية تتناسب مع تطورات المرحلة واحتياجات الشباب. فخدمة العلم لم تعد محصورة في البعد العسكري، بل باتت تتسع لتشمل التدريب، والتأهيل المهني، وتنمية المهارات الحياتية، بحيث يتحول الشباب إلى طاقات فاعلة تسهم في نهضة الوطن.
الشباب في قلب الرؤية
يعكس القرار ثقة القيادة الهاشمية بالشباب، وإيمانها بقدرتهم على قيادة المستقبل. فالشباب الأردني هم عماد الحاضر ورهان المستقبل، والقيادة تسعى دائماً لفتح الآفاق أمامهم. من هنا، فإن إعادة تفعيل خدمة العلم تأتي لتمنحهم فرصة ثمينة لبناء الذات، وصقل الشخصية، واكتساب الخبرات العملية والمعرفية، بما يجعلهم أكثر استعداداً لخوض غمار الحياة العملية، وأكثر قدرة على خدمة المجتمع والوطن.
أبعاد وطنية واجتماعية
يحمل هذا القرار أبعاداً تتجاوز الفرد لتشمل المجتمع بأسره. فهو يسهم في تعزيز قيم الوحدة الوطنية، إذ يجمع الشباب من مختلف المحافظات والخلفيات الاجتماعية في تجربة مشتركة تقوم على المساواة والالتزام. كما أنه يحدّ من بعض التحديات الاجتماعية مثل البطالة أو ضعف الانضباط، من خلال توفير تدريب وتأهيل يمكن أن يفتح أمام الشباب فرص عمل جديدة.
رسالة ثقة ووعي
القرار هو رسالة ثقة بالشباب ورسالة وعي للمجتمع. فهو يذكّرنا أن خدمة الوطن لا تقتصر على النخبة، بل هي مسؤولية جماعية يتحملها كل فرد. ومن هنا، فإن خدمة العلم تصبح وسيلة لتجسيد المواطنة الحقيقية، وإعادة ترسيخ القيم الوطنية التي قامت عليها الدولة الأردنية منذ نشأتها.
نحو أردن أقوى
لا شك أن إعادة تفعيل خدمة العلم خطوة في طريق طويل نحو أردن أقوى وأكثر تقدماً. إنها ليست نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة من الاستثمار في طاقات الشباب، وربطهم مباشرة بمسيرة الدولة ورؤيتها للمستقبل. فالأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة، يدرك أن أعظم ثرواته ليست في موارده الطبيعية، بل في أبنائه وبناته الذين يشكلون رأس المال البشري الحقيقي.
خلاصة القول:
قرار ولي العهد بإعادة خدمة العلم ليس مجرد عودة إلى الماضي، بل هو انطلاقة نحو المستقبل. هو قرار يعبّر عن رؤية عميقة تستند إلى أن بناء الأوطان يبدأ من بناء المواطن، وأن الشباب هم الركيزة الأساسية في أي مشروع وطني ناجح.