في مواسم الحصاد ينصُب هواة صيد الطيور فخاخهم في حقول القمح والشعير لاصطياد تلك الطيور، وتقع هذه الطيور في المصائد وهي تجوب تلك الحقول لتواصل دورة الحياة.
أما المواسم التي أقصدها فهي مواسم مختلفة، والصيد فيها مختلف أيضا، وتتكرر في أوقات معلومة نحو مواسم التشكيل والتعديل الوزاري، وتشكيل مجلس الأعيان، وموسم الانتخابات النيابية، وهي بلا شك استحقاقات دستورية وقانونية وديمقراطية، لكنها في عين الوقت مواسم للمزادات والمزايدات، وتطرح فيها عناوين كثيرة وطموحة، وتختلف هذه العناوين من منطقة لأخرى، أما في منطقتي التي أقطن فيها فالقضية الأبرز التي تداعب آمال عامة الناس، وتغازل مشاعرهم وتلامس وجدانهم فهي قضية الواجهات العشائرية... في تلك المواسم يتسابق الكثيرون لعقد الاجتماعات، ورفع السقوف التي قد تصل للخروج إلى الشارع كما لاحظت في بعضها، ويهرق من الوقت والمداد الكثير، وينشغل الناس أياما عديدة، وتصبح حديث من لا حديث له، وأحيانا من لا صفة له... فإذا ما انتهت المواسم، وطارت الطيور بأرزاقها أغلق كل عليه بابه، وجلس في محرابه، وانتبذ الناس مكانا قصيا، ولم يكلف نفسه عناء الرد، وآيته في ذلك أن لا يكلم اليوم إنسيا، من فاز أو لم يفز في تلك المواسم الجميع سواسية.
مختصر القول أن لا أحد بعد اليوم سيصدق كثيرا-حتى لا أعمم- من دعاة المطالبة بالحقوق المهضومة، والمظالم المتقادمة، وهذا شيء طبيعي؛ فلا يلدغ العاقل من جحر ألف مرة، رحم الله أباءنا فقد عاشوا قبلنا على هذه الأحلام الخادعة، ولعل من حق الناس أن يتبصروا كي لا ينخدعوا ويسقطوا في مصائد المغفلين أكثر من ذلك، وعلينا أن نعي ذلك تماما، وان لا نسمح لأحد باللعب في عقولنا واستغلال حاجتنا، فهذا الموضوع يجب أن يكون بعيدا عن أي دعاية لأي موسم، وبعيدا عن الاستثمار السياسي فيه من قبل كائن من كان... وإن كانت ثمة مطالبة فمن خلال مواطنين عاديين ليس لهم أي صفة رسمية أو طموحات مستقبلية
وبمعنى آخر الحركة الاجتماعية العفوية وبالطرق المشروعة التي لا تصطدم بالقوانين والأنظمة المرعية، ولا أنكر أن هناك جهودا مخلصة صادقة يمكن البناء عليها.