هذه الأيام اقضي بعض اوقات المساء المتقلب الطقس في لعب الورق لا لاني مفتون بذلك بل لتجنب الاستماع إلى الاخبار التي تولد في نفسي الغضب ولا حول ولا قوة لي ولا لغيري في التأثير عليها.
في لعبة الهاند التي ننتظم انا ورفاقي حول المنضدة عند التاسعة مساء لنجرب الامتثال إلى قواعدها يشعر كل واحد منا انه صاحب قرار فله كامل الحرية في ان يتخلص من اي كرت لا يعجبه وله الحرية ان يهرب من وجه منافسه او ان يصمد حتى يكتمل لديه الهاند ويحظى بنشوة التهنيد.
حقيقة الأمر اني لاعب عديم المهارة قليل المغامرة اهرب كلما امتلكت الحد الأدنى من متطلبات الانبطاح ارتاح عندما يصل مجموع ما في يدي من أوراق مصفوفة إلى واحد وخمسين ولا يوجد لدي طموح في ان امسك على ما قد يمنحني نشوة التفوق.
انا لا اعد ولا اهدد اللاعبين واخفي الجواكر بين الأوراق واحاول ان لا اظهر ان لدي نية مبيته لأن ابطش بأحد.
في كل مرة اجلس للعب الورق أشعر وكأني في غرفة عمليات حلف الشمال الأطلسي فهناك تتيقظ حواسي واتابع مصير الاوراق المائة والست فاراقب وارصد ما ظهر منها وما اختفى. واخمن مواقع الجواكر واقدر خطورة خطط المنافسين.
اعتقد اني اتخذ ما يزيد عن الف قرار في كل سهرة فاقرر اذا ما احتفظ بكل كرت او اتخلص منه كل ذلك في ضوء تقلص الاحتمالات او وجودها واقرر اذا ما كان اللاعب الجالس إلى يميني سينتفع مما سألقي من أوراق واذا كان
ذلك في مصلحتي ام متعارضا معها.
على الطاولة كل الأوراق مقلوبة عند البدء لكنها تتكشف بهدوء وبطء شديدين. في لعبة الاستكشاف هذه لا يوجد ما يبهج أكثر من أن تتضمن اوراقك المقلوبة جوكر او اثنين. عندها تشعر بالأمان فلديك من الضمانات ما يكفي لبعث القلق في نفوس المنافسين ومنحك الثقة المناورة. مشكلة لاعب الهاند تتفافم عندما لا يتقيد بشروط اللعب او عندما يكون غالبية ما لديه من كرتات من صنف الدو والتريس ولا يملك خطة لعب مدروسة.
اللعب مسلي لكنه مضيعة للوقت يجعل من حياة الفرد شقان أحدها للجد والآخر للعب وقد يعتقد البعض ان بامكان انتصارات اللعب تعويضه عن الانتصارات الحقيقية في الحياة..