الذكاء الاجتماعي مفتاح لكل باب .. حقيقة أم خيال!
د. فلاح العساف
20-08-2025 01:52 AM
هل يمكن أن تكون كلمة طيبة، أو ابتسامة في وقتها، أقوى من أي قرار أو اتفاق مكتوب؟ وهل يمكن لمهارة خفية مثل الذكاء الاجتماعي أن تصنع الفارق بين النجاح والفشل في السياسة والعمل وحتى في تفاصيل حياتنا اليومية؟ أسئلة تستحق التأمل، والإجابة تقودنا إلى عالم أوسع مما نتخيل.
في عالم تتعدد فيه الأذواق وتتنوع فيه الخلفيات، يبرز الذكاء الاجتماعي كإحدى أهم المهارات التي تمنح الإنسان القدرة على النجاح في مختلف الميادين. فهو ليس مجرد قدرة على الكلام أو المجاملة، بل هو فن قراءة الآخرين، وفهم مشاعرهم، والتعامل مع المواقف بحكمة ومرونة. ما يميّز هذه المهارة أنها قادرة على تحويل الاختلاف إلى فرصة، والتنوع إلى مصدر قوة.
السياسي الذي يتحلى بالذكاء الاجتماعي يدرك أن التفاوض لا يقوم على العناد بقدر ما يقوم على حسن الإصغاء والقدرة على بناء أرضية مشتركة مع الطرف الآخر. فهو يعرف كيف يحوّل الخلافات إلى مساحة حوار، وكيف يصنع من الطاولة المستديرة جسرًا للتفاهم بدل أن تكون ساحة صراع.
وفي بيئة العمل، تزداد الحاجة لهذه المهارة أكثر من أي وقت آخر. فالتباين في الآراء بين أعضاء الفريق أمر طبيعي، لكن المدير أو الموظف الذي يمتلك ذكاء اجتماعيًا يستطيع أن يقود النقاش نحو الحلول بدل أن يسمح له بالتفاقم. هذا الذكاء يخلق بيئة يسودها التعاون، ويعزز الثقة بين الزملاء، ويفتح الباب أمام الإبداع والابتكار.
ولا يقتصر دور الذكاء الاجتماعي على السياسة أو الاجتماعات الرسمية فقط، بل يمتد إلى تفاصيل حياتنا اليومية. في نقاش عائلي، أو موقف عابر مع صديق، أو حتى في التعامل مع الغرباء، تظهر قيمته الحقيقية. فهو يجعلنا أكثر قدرة على كسب قلوب الآخرين، وتجنب سوء الفهم، وبناء علاقات إنسانية متينة تقوم على الاحترام المتبادل.
إن الذكاء الاجتماعي في جوهره ليس مهارة ثانوية يمكن الاستغناء عنها، بل هو سلاح ناعم يفتح الأبواب أمام صاحبه، ويسهّل عليه التعامل مع تحديات الحياة. وفي زمن تتعدد فيه الأذواق وتكثر فيه الاختلافات، يصبح امتلاك هذه القدرة بمثابة المفتاح الحقيقي للتأثير والنجاح، سواء في السياسة أو في العمل أو في أبسط تفاصيل حياتنا اليومية .