facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأمير الحسن بن طلال .. بين نقد التاريخ وقلق الحاضر


فيصل تايه
21-08-2025 09:29 AM

خلال كلمة ألقاها في جامعة الحسين بن طلال بمحافظة معان مؤخرًا، دعا سمو الأمير الحسن بن طلال الى إنشاء مركز متخصص في الجامعات الأردنية لجمع البيانات وتحليلها حول القضايا المعاصرة لرصد قضايا الساعة ، ذلك بهدف الحد من التضليل والإعلام غير الموضوعي ، لضمان رواية الحقيقة مهما كانت مرّة ، حيث تحثّ هذه التصريحات على الحوار المؤسساتي والمبادرة الاجتماعية البناءة داخل الجامعات، مما يعني انتهاجاً جديداً للاستثمار في الطاقات الشبابية عبر المراكز البحثية.

كما واشار سموه الى ترتيب "بيتنا الداخلي"، معبراً إلى أن المجتمع “شديد التطرف إلى الوسطية”، وهو مجتمع يولّد الاستقلال المتكافل ، حيث تجسّد عبارة سموه وجهة نظر أيديولوجية متقدمة ، ما يشير إلى ان التحولات الاجتماعية التي تسعى إلى تجاوز الأقطاب المتشددة، نحو رؤية أكثر اعتدالاً ، ما يقدّم ركيزة وطنية معرفية تدعم الثقافة والوعي العام، وتقوّي القدرة على التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية.

ان طرح هذا المفهوم يشير إلى ضرورة تعزيز القيم الوسطية وضرب التطرف بكل أشكاله، بما يكفل مجتمعًا متينًا قادرًا على الصمود والاستقلال، ثقافياً وسياسياً ، ما يعكس القيم الأساسية في المنظور الاجتماعي الأردني: الوسطية، الاعتدال، القبول بالآخر، والعمل المنظم.

ان هذا النمط التصريحي يعكس نهجاً متوازناً بين العقلانية والمبادرة الشبابية، مع تأكيد على الاستقلالية الفكرية والمجتمعية ، لذلك فان تصريحات الأمير تُعدّ بمثابة نافذة فكرية تُعيد تسليط الضوء على قضايا المنطقة العربية، من جذورها التاريخية إلى مآسيها الراهنة، في خطاب يجمع بين القراءة العميقة للتاريخ والبعد الإنساني للسياسة.

كما وانه وفي حديثه حول اتفاقية سايكس-بيكو، أشار الأمير إلى إلى ان "سايكس-بيكو جزأتنا، ونحن الآن نفتّت الفتات لما تبقى" ، هذه العبارة تختصر رؤية نقدية للواقع العربي؛ إذ يرى أن المنطقة ما زالت تعيش آثار التقسيمات الاستعمارية التي زرعت بذور الانقسام والتجزئة، وأننا اليوم نواصل –بغير وعي– إعادة إنتاج حالة التشرذم بدل البحث عن صيغ وحدوية أو تكاملية ، حيث من منظور سمو الأمير، فان التاريخ ليس مجرد ماضٍ نتجاوزه، بل هو حاضر يفرض نفسه، ويجب التعامل معه بوعي إذا أردنا صياغة مستقبل أكثر استقرارًا.

وهنا لا بد من التمعن في مضمون خطاب الأمير حيث لم يقتصر على قراءة الماضي، بل امتد ليعكس القلق الإنساني والسياسي تجاه ما يجري في المنطقة، خصوصًا في فلسطين. ففي تصريح مؤثر قال: "قلبنا في عمّان على المشهد الدامي الذي نراه في غزة وفلسطين الحبيبة" فهذا الموقف يجسد بعدين أساسيين ، اولها "البعد الإنساني" الذي يتعاطف مع معاناة المدنيين تحت القصف والحصار ، والثاني "البعد سياسي" خيث يذكّر سموه بأن الأردن كان ولا يزال طرفًا محوريًا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ويعكس التزام القيادة الفكرية الأردنية بالقضية باعتبارها جوهر الأمن القومي العربي.

ان سمو الامير اكد في حديثه على "التذكير بالجذور" حيث من الواضح الأمير يدعو إلى عدم تجاهل "الخلفيات التاريخية" للصراعات المعاصرة ما يشير الى ضرورة "التكامل الإقليمي" في رسالة ضمنية واضحة الى أن الخروج من الأزمات يتطلب تجاوز منطق التجزئة إلى التعاون ، لكن الامير يعود إلى الإشارة الى الوعي الإنساني ، اما السياسة، في نظر سموه فهي لا تنفصل عن القيم الأخلاقية والإنسانية، وهو ما يتجلى في تعاطفه مع ضحايا غزة.

بقي ان اقول ان تصريحات الأمير الحسن بن طلال ليست مجرد موقف عابر، بل هي خطاب فكري-إنساني يربط بين الماضي والحاضر. فهي دعوة إلى أن نقرأ خرائطنا الممزقة بعين ناقدة، وأن نعيد بناء علاقتنا مع ذواتنا ومع الآخر من منطلق التضامن الإنساني والوعي التاريخي.

إنها تذكير بأن الطريق إلى المستقبل لا يمر عبر إعادة إنتاج الفتات، بل عبر رؤية شمولية تضع الإنسان والعدالة في صميمها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :