سَحَم الكفارات وعشيرة الربيع .. تاريخ وهوية
د. معروف سليمان الربيع
27-08-2025 11:28 AM
تقع قرية سَحَم الكفارات شمالَ إربد، في لواء بني كنانة، بمحاذاة نهر اليرموك على الحدود مع فلسطين وسوريا. وهي قرية عريقة تحمل ذاكرة حية للتاريخ والحضارة في شمال الأردن. منذ العصور الكلاسيكية شهدت القرية محطات بارزة، وأثبتت آثارُ كنائسٍ بيزنطيةٍ وأرضياتٌ فسيفسائيةٌ ازدهارَها القديم، فيما جعل موقعُها قرب نهر اليرموك نقطةَ تواصلٍ حضاري وتجاري بين بلاد الشام وفلسطين.
برزت في سَحَم عشيرةُ الربيع آل الحاج، والتي تعود جذورها إلى عشيرة الربيع في منطقة دير علا في الغور، وقد استقرّت فيها ولعبت دورًا أساسيًا في إدارة شؤون القرية. وكان من أبرز أفرادها:
1- الشيخ القاضي العشائري المرحوم فارع العلي الربيع،
2- الشيخ المرحوم إبراهيم الفارع الربيع،
3- شقيقه المرحوم غازي الفارع وابنه محمد الغازي، اللذان كان لهما دور بارز في العمل العام في بلدية سَحَم سابقًا وبلدية الشعلة حاليًا، إضافةً إلى أسماء بارزة في مجالات التعليم والثقافة والفن والجيش، مثل:
المهندس خلف عبدالله الربيع، والدكتور عبدالله أحمد الحاج الربيع، والدكتور محمد سليمان الربيع، والدكتور علي محمود الربيع، والدكتور خالد خليل الربيع، والعقيد المتقاعد رياض أحمد الربيع، والأستاذ التربوي المرحوم محمد حسين الربيع، والشاعر أمين طاهر الربيع، وغيرهم من أبناء العشيرة بشكل عام، ومن أبناء قاسم، ومصطفى، ومفلح، وعارف، وباقي فروع العشيرة بشكل خاص، الذين تنوّعت أدوارهم بين ضباط وطيّارين ومهندسين وأطباء ومزارعين وبنّائين، ليشكّلوا جميعًا مساهمةً فاعلة في تشكيل تاريخ وهوية سَحَم قديمًا وحديثًا.
وليس عشيرة الربيع وحدها من ساهم في نهضة سَحَم، فقد لعبت باقي العشائر الكريمة والعريقة، مثل: الطوالبة، الغوانمة، الخزاغلة، اليوانسة، الكناكري، الكناني، العمري، الرقيبات، الدعابسة، الطيار، أبو صبح، وأبو العسل، وغيرهم من أبناء سَحَم، دورًا كبيرًا في تعزيز الوحدة الاجتماعية وتطوير الخدمات والبنية التحتية، لتصبح سَحَم نموذجًا للتعاون والتكاتف المجتمعي.
اليوم، تجمع سَحَم بين أصالتها التاريخية وتطورها المعاصر، مع مواقع سياحية خلّابة مثل العِشّة والشعلة، والعديد من المنتجعات على ضفاف نهر اليرموك، لتكون وجهة محببة للزوار الباحثين عن الطبيعة والتاريخ معًا. كما تشتهر سَحَم بزراعة الزيتون، ويُعتبر زيتها من أجود أنواع الزيت في الأردن، وقد تم بناء معصرة الشعلة لاستخراج الزيت عالي الجودة. وفي السنوات الأخيرة برزت مزارع الجوافة والرمان، مما أضاف بعدًا اقتصاديًا وزراعيًا مهمًّا للقرية.
سَحَم وعشيرة الربيع وجميع عشائرها نموذجٌ حيّ للقرية الأردنية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتجسيدٌ حيّ للوحدة والعمل الجماعي في حفظ التاريخ وبناء الحاضر.
وصدق الشاعر حين قال:
"من رأس الخور والحصن والعريض
وكفر لهيا والعِشّة تشفي المريض"