facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الخطر الصامت" .. أبناؤنا بين العقر والموت


فيصل تايه
29-08-2025 02:52 PM

في بلد يفتخر بأمنه واستقراره، لم يعد المشهد مقتصرًا على السيارات المزدحمة أو الأرصفة المكتظة بالمارة، بل أصبح هاجس "الكلاب الضالة" يطارد كل عائلة، وكل طفل يذهب إلى مدرسته، وكل عامل يعود في ساعات المساء. فالأمر لم يعد مجرد قضية بيئية أو مشهدًا مزعجًا في شوارعنا، بل تحول إلى خطر حقيقي يهدد حياة الناس وصحتهم وأمنهم النفسي.

الأرقام التي كشفت عنها وزارة الصحة صادمة وتستحق أن تُدق لها أجراس الإنذار، فهي وحدها كافية لتصيبنا بالذهول؛ إذ سُجِّلت (٩٤٩١) حالة عقر كلاب خلال عام ٢٠٢٤ فقط. هذه الأرقام صفعة في وجه كل مسؤول تأخر عن اتخاذ القرار، فخلف كل رقم قصة خوف وألم، وأطفال يصرخون من رعب "العضّات"، وأمهات يسهرن بجانب أسرّة المستشفيات ، والأخطر أن الأمر لم يتوقف عند الإصابات، بل امتد إلى الأرواح؛ فقد أعلنت الوزارة بوضوح عن وفاتين نتيجة عقر الكلاب منذ بداية العام الحالي، لتتحول الحكاية من مجرد "إزعاج" إلى مأساة تمس حياة الناس بشكل مباشر.

هذه الكارثة لم تقتصر على الأثر الإنساني فحسب، بل أرهقت الموازنة العامة للدولة، إذ تنفق وزارة الصحة سنويًا ما يقارب ٥ ملايين دينار لتأمين المصل والعلاج لمواجهة حالات العقر. فكيف نقبل أن تدفع الدولة ملايين الدنانير لمعالجة النتائج بدل القضاء على الأسباب؟ كان الأجدر بنا أن نضع خططًا أكثر صرامة وفاعلية للوقاية من هذه الظاهرة.

لن نقبل أن يسير أطفالنا إلى مدارسهم محاطين بالخوف. فأبناؤنا يستحقون أن يذهبوا إلى مدارسهم دون قلق، وأهلنا يستحقون أن يسيروا في الطرقات بأمان، والدولة تستحق أن تُعالج جذور المشكلة بدلاً من الاكتفاء بدفع فاتورة العلاج. وعلى البلديات والجهات المعنية أن تتحرك بجرأة، فحماية الإنسان أهم من أي تبرير أو تأجيل. إن الكلاب الضالة ليست مجرد أزمة، بل قنبلة موقوتة حان وقت نزع فتيلها. لم يعد الصمت خيارًا، فقد أصبحت القضية كارثة صحية وأمنية تمشي على أربع، تهدد حياة الناس وكرامتهم. وإن التهاون في مواجهتها خيانة للأمانة التي أقسم عليها المسؤولون.

بقي أن أقول: إن الكلاب الضالة خطر يتكاثر في الظل، ما يستدعي تدخلاً حاسمًا ومتكاملاً يشارك فيه الجميع: البلديات، وزارة الصحة، المؤسسات المعنية، والمجتمع المحلي. فهل ننتظر أرقامًا أكبر، وحوادث أكثر مأساوية، واستمرارًا لنزيف الإصابات ومزيدًا من الموت أمام الصمت؟ أم سنبدأ اليوم بتحويل الغضب إلى فعل، والخوف إلى خطط عملية تحمي حياة أبنائنا قبل فوات الأوان؟

لقد حان الوقت لتكون هذه القضية أولوية صحية وأمنية واجتماعية، تُواجَه بقرار حاسم، وخطط عملية، وإجراءات فورية، وحلول جذرية.

مع تحياتي..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :