facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شنغهاي توحّد العالم


د. صالح سليم الحموري
02-09-2025 06:49 PM

قبل عام، كنتُ حاضرًا في جلسة بالمنتدى الاستراتيجي العربي 2024 بدبي، بعنوان"ماذا يريد العالم من العالم العربي؟" في تلك الجلسة، جمع الحوار بين البروفيسور فرانسيس فوكوياما، أستاذ العلوم السياسية ومؤلف كتاب نهاية التاريخ والإنسان الأخير، والدكتور باراغ خانا، مؤسس "فيوتشر ماب"، وأدار النقاش شون كليري من مؤسسة "فيوتشر وورلد".

في حديثه، أشار فوكوياما إلى أننا نعيش لحظات حاسمة في التاريخ، وأن اتجاه العالم في المستقبل القريب سيتوقف على تداعيات أحداث عام 2024 وقبل نهاية عام 2025، وأضاف أن الديمقراطية لم تعد الخيار السياسي المفروض عالميًا، بل أصبحت مجرد سياق من بين عدة مسارات، وأن السياسة الأمريكية ـ خصوصًا في حرب غزة ـ أضعفت مصداقية واشنطن أمام العالم العربي والجنوب العالمي.

أما باراغ خانا فقد ركز على موقع العالم العربي في خريطة التوازنات الدولية، معتبرًا أن "ما يريده العالم من المنطقة يتقاطع مع ما تريده المنطقة لنفسها: أن تكون محورًا مستقرًا يربط بين كتل اقتصادية كبرى". وأكد أن آسيا، بما تمثله من ثقل اقتصادي، صارت شريكًا أساسيًا للمنطقة، وأن التحولات الكبرى من أوكرانيا إلى غزة ستعيد تشكيل دور الشرق الأوسط كجسر عبور حضاري واستراتيجي.

في هذا السياق المليء بالتحولات، برزت منظمة شنغهاي للتعاون كإطار جديد يعيد صياغة معادلات العالم. فمنذ تأسيسها عام 2001، تطورت المنظمة من مظلة أمنية إقليمية إلى منصة متعددة الأبعاد تضم أكبر القوى السكانية والاقتصادية والعسكرية في العالم: الصين، روسيا، الهند، إيران، باكستان، وأوزبكستان، إلى جانب شركاء من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.

اليوم، لم تعد شنغهاي مجرد تجمع جغرافي، بل رؤية لعالم "متعدد الأقطاب". خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة تيانجين شكّل نقطة تحوّل حين دعا إلى "نظام حكم عالمي أكثر عدلاً"، يقوم على الشراكة لا الهيمنة، وعلى التنمية المشتركة لا الانقسام.

بدأت شنغهاي كمنصة للتعاون الأمني في مواجهة الإرهاب والتطرف، لكنها توسعت بسرعة لتشمل مجالات الاقتصاد، الطاقة، التكنولوجيا، والثقافة. فمن ربط شبكات السكك الحديدية والطاقة عبر آسيا الوسطى، إلى التعاون في الذكاء الاصطناعي والفضاء، وحتى تبادل المنح الدراسية والمبادرات الشبابية، تحولت المنظمة إلى إطار شامل للتكامل الإقليمي.

في وقت يزداد فيه الخطاب الانعزالي وتحتدم المنافسة بين القوى الكبرى، تقدم شنغهاي نفسها كبديل حضاري للنظام الدولي الأحادي. فهي تؤكد على احترام سيادة الدول، وعلى دور الأمم المتحدة، وتسعى إلى تجاوز عقلية الحرب الباردة. كما أسست بنكًا للتنمية ومبادرات مالية جديدة تمنح دول الجنوب خيارات أوسع بعيدًا عن شروط المؤسسات المالية التقليدية.

قد لا تكون شنغهاي الحل السحري لأزمات العالم، لكنها تمثل مختبرًا لولادة "نظام عالمي جديد"، يقوم على التوازن والتنوع والشراكة. وإذا كان القرن العشرون قد تميز بصراع الكتل، فإن القرن الحادي والعشرين يبدو مهيأً لصعود كتل التعاون. وفي قلب هذا المشهد، تقف شنغهاي كجسر يوحّد الشرق والغرب، الشمال والجنوب، ويعيد للعالم توازنه المفقود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :