facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المولد النبوي الشريف .. إشراقة خالدة تتجدد مع كل عام


فيصل تايه
04-09-2025 01:20 AM

ونحن نحتفل بذكرى مولد سيد البشرية، تزدحم القلوب بالفرح وتفيض الأرواح بالسكينة، إذ نستحضر ميلاد السراج المنير والهادي البشير، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، ليخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم والهدى، ومن عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

إنها ذكرى ليست كسائر الذكريات، بل هي لحظة فاصلة في تاريخ الإنسانية كلها، لحظة انبثق منها فجر جديد أضاء دروب البشرية، فجر قهر الظلم، وأرسى قواعد العدل، وأعلن بداية عهد الرحمة والحرية. لقد قال الله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، فجاء مولده حدثًا استثنائيًا غيّر مسار التاريخ، وأسس لولادة أمة عظيمة، حملت رسالة النور والهداية، ورفعت راية العدل والحرية، وأعلنت للعالم أجمع: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".

في كل ذكرى للمولد النبوي الشريف، يتجدد الوعي بقدسية الرسالة الإلهية الخاتمة، وتتأكد حقيقة أن الإسلام هو الدين الجامع لرسالات الأنبياء كافة، وأن الرسالة المحمدية جاءت لتكون الخاتمة الكاملة الشاملة، التي جمعت ما تفرق في الرسالات السابقة، وحملت إلى البشر شريعة خالدة تصلح لكل زمان ومكان.

احتفال الأمة بالمولد النبوي ليس مجرد مظهر احتفالي، بل هو تعبير عن حبها الصادق لرسولها الكريم صلى الله عليه وسلم. لكن المعنى الأعمق لهذا الاحتفاء يتجسد في إحياء سنته الشريفة، واستحضار سيرته العطرة، وإعادة قراءتها قراءة معاصرة تستلهم القيم الإنسانية الرفيعة التي قامت عليها رسالته: الرحمة، العدل، الحرية، العمل، والاجتهاد. فبها تُبنى الأوطان، وتتآلف القلوب، وتُعمَّر الأرض.

إننا حين نحتفل بمولد سيد البشرية، فإننا في الوقت ذاته نستحضر مسؤولياتنا الكبرى تجاه مقدساتنا الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبي ومعراجه إلى السماوات العُلا. إن ساحات الأقصى تنادينا اليوم، والاحتفال الحقيقي بالمولد هو أن نكون أمناء على هذه المقدسات، وأن نحفظها كما حفظها من قبلنا الصحابة والأبطال، حتى يكتب الله لنا شرف اللقاء عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم، نشرب من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.

وفي هذه الذكرى المباركة، لا يمكن أن نتجاهل ما يجري في فلسطين، من قتل وإبادة وتهجير وتدمير، حيث يعيش شعبنا هناك أقسى لحظات تاريخه. إن ذكرى المولد تأتي لتوقظ ضمائرنا، وتدفعنا إلى نصرة قضايانا العادلة، وفي مقدمتها قضية فلسطين، فهي ليست مجرد أرض، بل رمز لعزة الأمة وكرامتها. فكيف نحتفل بمولد النبي الذي دعا إلى الوحدة والتضامن، ونحن نرى أهلنا في غزة يواجهون الموت وحدهم؟ إن الوفاء لرسول الله يقتضي أن يكون صوتنا عاليًا وموقفنا واضحًا، في نصرة الحق وأهله، وفي رفض الظلم مهما كان مصدره.

ميلاد الهادي البشير صلى الله عليه وسلم يعيدنا إلى سيرته العطرة، حيث نستلهم صبره على الأذى، وعفوه عند المقدرة، ورحمته بالضعفاء، ووفاءه بالعهد. فقد وصفه القرآن بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم". لم يكن جبارًا في الأرض، بل كان رفيقًا رحيمًا، لا تفارق لسانه الكلمة الطيبة، ولا قلبه العفو والصفح. جاء ليتمم مكارم الأخلاق، وليرفع مكانة المرأة ويكرمها، فقال في خطبة الوداع: "أوصيكم بالنساء خيرًا".

إن ذكرى المولد النبوي الشريف ليست مجرد عاطفة وجدانية، بل هي دعوة متجددة للأمة أن تعود إلى جوهر رسالتها: رسالة النور والهداية، رسالة العدل والحرية، رسالة الرحمة للعالمين. هي لحظة تعاهد وتجديد، نستلهم منها العزيمة لنكون كما أرادنا الله: أمة واحدة، متماسكة، شاهدة على الناس، تبني ولا تهدم، توحد ولا تفرق.

وفي ختام هذه المناسبة العطرة، أتوجه بالتهنئة والتبريك إلى الأمة الإسلامية جمعاء، داعيًا الله أن يعيدها علينا وقد اجتمعت كلمتنا، وارتفعت رايتنا، وحُفظت أوطاننا، وتحققت وحدتنا. كل عام وأنتم بخير، وأسعد الله قلوبكم بنور المحبة والسلام.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :