نتنياهو يقيم دولة فلسطينية
عامر طهبوب
06-09-2025 09:52 AM
مكّن العدوان الإسرائيلي المتوحِّش سكان العالم من التعرف على الشخصية الفلسطينية، ومن الإطلالة الصحيحة على طبيعة وتكوين الشعب الفلسطيني، كشف الاحتلال للعالم الوجه الحقيقي للحكاية الإنسانية الفلسطينية، وأعاد رسم السردية التي ضللت إسرائيل بها العالم لعقود طويلة، كشف وجه إسرائيل: الفلسطيني ليس إرهابياً، وإنما مناضل وصاحب حق، أصبح الغرب يسمع كلمة إرهابي ويحوّلها إلى ثائر أو مناضل، عرف العالم أن الفلسطيني إنسان مؤمن بالله، محب للحياة، عطوف، صابر، مثابر، خلّاق، ومظلوم مهضوم الحقوق، وعرف أنه لا يمكن لإنسان أن يتشبث في أرض يعيش عليها بهذه الصورة الأسطورية، إلا إذا كانت تلك الأرض أرضه وأرض أجداده، وليس طارئاً عليها، وحتى أن جرائم الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال على مدى عامين، قللت التعاطف مع ما حدث يوم السابع من أكتوبر، بل جعلت الجيل الجديد من أبناء الغرب يعود لدراسة المسببات التي أدت إلى السابع من أكتوبر باعتباره نتيجة لا سبباً.
الكوفية الفلسطينية أصبحت رفيقة شباب أوروبا وفتياتها، ونسائها وعجائزها، وذلك بفضل مظلومية الشعب الفلسطيني لا دبلوماسيته، والعلم الفلسطيني أصبح خفاقاً في كل مدن العالم، ولم يرتفع علم في شوارع الغرب في التاريخ الحديث كما ارتفع العلم الفلسطيني، وكل ذلك كان "بفضل" إسرائيل التي فضحت نفسها بنفسها أمام العالم، نتنياهو قاد بعنجهيته وغبائه هذا التغيير الذي جعل المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرة توقيف له ووزير دفاعه المخلوع، ونتنياهو وما فعله جيشه المجرم في غزة والضفة الغربية على السواء، هو سبب اعترافات دول الغرب واحدة تلو الأخرى بدولة فلسطين، ولذك تجد "أفيغدور ليبرمان" زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" يقول أن "نتنياهو سيكون مؤسس الدولة الفلسطينية"، وهو سبب عقوبات التي بدأت دول العالم بفرضها على هذا الكيان البغيض، وتلك مجرد بداية، وما يفعله الكيان الاستعماري البغيض من أعمال "بلطجة" في فلسطين وما حولها في الشرق الأوسط، ما هي إلا محاولة إرهابية لاستعراض القوة، وهي انعكاس لميل الاستعمار إلى التوحش عند وصوله إلى بداية النهاية، ولا أقول أن الكيان الصهيوني بات ضعيفاً، ولكنه أدرك إدراكاً عميقاً أنه ليس قوياً كما كان يظن، وأنه غير قادر على حسم حرب على مدينة فلسطينية تعاني من حصار وإنهاك إقتصادي قاس منذ سنوات طويلة، وخسائر الكيان مذهلة؛ خسر حسب المعهد الوطني لدراسات الأمن القومي الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 1866 شخصاً، بينهم 932 جندياً ورجل أمن، من بينهم 191 ضابطاً من رتب مختلفة، وبيّن المعهد أن 42 بالمائة من حصيلة القتلى الذين سقطوا في قطاع غزة هم من جنود الاحتياط.
قلت: العالم يتغير، وصورة الفلسطيني تتغير، وهذه سيدة بريطانية تبعث إلى الشعب الفلسطيني بالرسالة التالية التي لم يكن من الممكن أن تحمل هذا المحتوى لولا جرائم الكيان غير المسبوقة في التاريخ الحديث الذي يُكثِر الحديث عن فتح أبواب جهنم، ويمارس الكذب بوقاحة وغباء معاً، وهو يعمد إلى هدم أبراج غزة عقب رؤية ساسة الكيان أحد الأسرى يتجول في شوارع غزة.
قالت السيدة البريطانية: أيها الفلسطينيون؛ إننا نحبكم، إننا نراكم، ومهما حاولوا تشتيت انتباهنا، نظلّ نُركّز عليكم، الطاغية لم يعد هو من يخبرنا من أنتم، نحن نعرف من أنتم، نرى إيمانكم، نرى محبتكم، نرى التزامكم العميق بأطفالكم الرائعين، نرى صمودكم، نرى إبداعكم، نرى المكان الذي كانت فيه مخابزكم، نرى المكان الذي كان فيه بيتكم، وأريدكم أن تعلموا أنه مهما بلغ عدد الناس الذين قُتِلوا، فأنا أواصل جمع المعلومات، أجمع كل ما أستطيع عن فلسطين، حتى إذا عدتم بناء مكتباتكم، نملك ما نملأ به الرفوف، وأريد أن أشارككم شيئاً محدداً؛ بعضاً مما فعلتموه من أجلي بشكل خاص، وأعلم أن الملايين سيوافقونني، أنتم أيقظتم قلبي، منحتم حياتي معنىً، أصبحت أعيش بوعي، أصبحت أتصرف بما يعكس قيمي، عندما أذهب إلى متجر، يرافقني دوماً تطبيق "لا، شكراً"، وعندما أشتري كتاباً، فهو لكي أتعلّم عن تاريخ الفلسطينيين، لأنكم قلب هذا العالم، ولن أسمح لكم أن تختفوا، أياً كان الثمن، وأنا ومن كل قلبي أشكركم، أشكركم بصدق، لأنكم سمحتم لي بأن أكون جزءاً من حياتكم، وكما نقول دائماً: الحرية لفلسطين.