facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"حزب مبادرة" رؤية جديدة للعمل الحزبي الأردني


فيصل تايه
09-09-2025 08:47 AM

لم يكن الإعلان عن اندماج حزبي "تقدم" و"إرادة" وتشكيل حزب جديد تحت مسمى "مبادرة" حدثاً سياسياً عابراً في المشهد الأردني ، بل جاء ليعكس لحظة تحول نوعي في مسار الإصلاح السياسي ، حيث تجاوزت دلالاته البعد التنظيمي التقليدي لتكشف عن ادراك متزايد بأن وحدة الصف الحزبي لم تعد خياراً تكتيكياً بل ضرورة استراتيجية لتمكين القوى السياسية من خدمة الوطن والمواطن ، وإعادة تموضعها في قلب العملية الديمقراطية بدل البقاء في هوامشها ، لذلك فإن هذا "الاندماج" وبما يحمله من رمزية ، يؤشر إلى أن التحولات التي تشهدها الحياة الحزبية في المملكة آخذة في التعمق ، وأن ثمة وعياً جمعياً يتشكل بجدوى التكتلات الكبرى باعتبارها المدخل الأكثر واقعية للتأثير السياسي.

لقد ظل العمل الحزبي الأردني لعقود طويلة أسيراً لواقع التشظي، حيث تعددت الأحزاب الصغيرة والمتوسطة التي اكتفت بحضور رمزي في المشهد العام دون أن تتمكن من ترك أثر ملموس في مؤسسات الدولة، سواء في البرلمان أو الحكومات ، غير أن السياق السياسي الراهن يشهد إعادة تشكيل جذري عقب إقرار التعديلات الدستورية، وإصدار قانون جديد للأحزاب ، وما تلا ذلك من دفع ملكي متواصل نحو تكريس نهج الحكومات البرلمانية الحزبية، مع فتح المجال أمام الشباب والنساء للانخراط بصورة أوسع في الحياة السياسية ، لذلك فان كل تلك التحولات مجتمعة أسست لبيئة سياسية مختلفة، حيث بات المناخ العام أكثر تقبلاً للعمل الحزبي، وأصبح من الواضح أن الحاجة ملحة إلى إعادة هيكلة الخارطة السياسية على أساس التكتلات الكبرى، بما يتجاوز مرحلة الوعود غير القابلة للتنفيذ نحو بلورة برامج عملية تستجيب لتطلعات الشارع الأردني .

في هذا الإطار جاء تأسيس حزب "مبادرة" باعتباره التجربة الأولى التي تلتقط بوعي اللحظة السياسية الراهنة، إذ انطلق الحزب ومنذ لحظة تشكيله من تجاوز أنماط الزعامات الفردية والخطابات العامة ، متجهاً إلى تأسيس بنيان حزبي يرتكز على الوحدة والبرامجية ، لذلك فان حجم التأييد الواسع الذي حظي به "الاندماج" يعزى ، بعد ان حظي بموافقة ثلاثة وثمانون بالمئة من أعضاء الهيئتين العامتين ، إلى إدراك متنام لدى النخب السياسية بأن المستقبل الحزبي لن يبنى إلا على قاعدة توحيد الجهود وكسر دوائر التشرذم ، تمهيداً لبناء قوى حزبية قادرة على المنافسة البرلمانية، وعلى المدى الأبعد، المشاركة الفاعلة في تشكيل حكومات حزبية برلمانية.

وإذا ما توقفنا عند خطاب الحزب "حديث الولادة" ، يتضح أن زعاماته حرصت في خطاباتها على الانفصال عن الخطاب السياسي التقليدي، إذ أكد المهندس أحمد يوسف الطراونة أن تأسيس "مبادرة" يشكل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من العمل الحزبي القائم على الواقعية والبرامجية، وأنه يسعى ليكون حزباً جامعاً يعكس تنوع المجتمع الأردني ويوازن بين الطموحات الوطنية والبرامج القابلة للتطبيق ، كما وجاء التركيز على الملفات الاقتصادية والاجتماعية في مقدمة أولويات الحزب ، من حيث توفير فرص العمل للشباب وتعزيز العدالة الاجتماعية وتمكين المرأة سياسياً، ليعكس إدراكاً عميقاً بأن الثقة الشعبية لا تستعاد بالشعارات، بل بالقدرة على تقديم حلول ملموسة للتحديات اليومية.

لقد كان لافتاً في المؤتمر التأسيسي الحضور النوعي للشباب والنساء ، في رسالة بالغة الدلالة على أن الحزب لا يروم إعادة إنتاج تجارب حزبية سابقة فقدت بريقها، بل يتطلع إلى أن يكون منصة حقيقية للأجيال الجديدة ، وهذا ما شدد عليه أيضاً رئيس المجلس المركزي الدكتور فوزي الحموري، الذي أوضح أن الحزب يضع ضمن أهدافه أن يكون جزءاً من عملية بناء تكتلات حزبية قوية ومتماسكة، قادرة على خوض غمار الانتخابات المقبلة بثقل معتبر، في انسجام تام مع التوجه الرسمي نحو تحديث المنظومة السياسية، وإعلاء دور الأحزاب بوصفها رافعة للإصلاح لا مجرد هياكل شكلية.

ومع ذلك، لا يمكن إغفال التحديات التي تعترض الحزب الجديد ، فالثقة الشعبية بالأحزاب ما تزال محدودة، وقضايا التمويل والتنظيم الداخلي والتواصل مع القواعد في المحافظات تمثل معضلات حقيقية ، غير أن ما قد يمنح "مبادرة" قوة مضاعفة هو قدرته المحتملة على تقديم نموذج حزبي مغاير ، يقوم على العمل الجماعي ، والبرامج الواقعية ، والانفتاح على المجتمع بمختلف فئاته، بما يعزز حضوره ويمنحه شرعية شعبية متنامية.

بقي ان اقول ان ولادة حزب "مبادرة" لا يمكن اختزالها في كونها مجرد إضافة عددية إلى قائمة الأحزاب المرخصة، بل تمثل محاولة جادة لتأسيس نموذج جديد في الحياة السياسية الأردنية ، عنوانه التكتل بدل التشرذم، والبرامج بدل الخطابات ، وإذا ما تمكن الحزب من ترجمة شعاراته إلى برامج عملية تكسب ثقة الشارع وتستقطب فئتي الشباب والنساء على وجه الخصوص ، فسيكون بحق أحد أهم معالم التحول نحو حكومات حزبية برلمانية، وهي الغاية التي طالما أكدها جلالة الملك بوصفها ركيزة أساسية لمستقبل الديمقراطية في الأردن ، ومن هذا المنظور ، يغدو حزب "مبادرة" ليس مجرد حزب جديد، بل مؤشراً على أن الإصلاح السياسي في المملكة يسير بخطوات متدرجة نحو ترسيخ التعددية الحزبية الفاعلة، وأن البقاء في المشهد لن يكون إلا للأحزاب التي توفق بين الرؤية الوطنية والبرامج الواقعية، وبين الحضور الشعبي والقدرة على التأثير في مؤسسات الدولة.

والله ولي التوفيق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :