facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"هجوم الدوحة" .. زلزال سياسي يتجاوز حدود الحرب


فيصل تايه
10-09-2025 10:46 AM

لم يكن "هجوم الدوحة" مجرد عملية عسكرية اسرائيلية استهدفت قيادات حركة حماس اثناء اجتماعهم في العاصمة القطرية، بل زلزال سياسي خطير كشف عن تجاوز واضح لحدود النزاع التقليدي، فالعملية لم تقتصر على بعدها الميداني، بل حملت ابعاداً استراتيجية ودبلوماسية بحساسية بالغة، اذ ان اختيار الزمان والمكان لم يكن مصادفة، بل رسالة "مزدوجة" مضمونها ان اسرائيل لم تعد تعترف بأية خطوط حمراء، وأنها مستعدة لإعادة صياغة قواعد اللعبة حتى لو كان الثمن نسف جهود الوساطة القطرية والأميركية الرامية الى وقف اطلاق النار، فما حصل في الدوحة اعاد رسم موازين القوة في المنطقة واثار تساؤلات عميقة حول "نوايا" اسرائيل وقدرتها على توجيه رسائل متعددة في لحظة واحدة.

من الواضح ان المستهدف الأبرز لتلك للعملية "خليل الحية"، وهو أحد أبرز قادة حماس، والوجه السياسي الاكثر نفوذاً للحركة بعد سلسلة الاغتيالات التي سبق وطالت شخصيات بارزة من قيادتها، لكن ورغم نجاته، فإن العملية لم تفقد معناها السياسي، بل حملت تحذيراً اسرائيلياً صارخاً لكل من يشارك في صناعة القرار داخل الحركة، بانه "مستهدف" مهما كانت جغرافية وجوده، لكن ورغم ذلك، فإن بقاء "الحية" واعضاء قيادة حماس على قيد الحياة سيمنح الحركة قدرة أكبر على المناورة، ورسخ حضورها كطرف سياسي لا يمكن تهميشه، كما وسيعزز خطاب الحركة القائم على أنها حركة مستهدفة اينما كانت حتى في اللحظات التي يمكن لها ان تسعى فيها إلى التهدئة.

من الملاحظ كذلك ان ردود الفعل الدولية جاءت سريعة وحادة، وكان الموقف القطري في مقدمتها، الذي اعتبر العملية "انتهاكاً صارخاً لسيادتها"، ووصفتها بأنها نموذج لـ"العربدة العسكرية" التي لا تكتفي بتجاوز حدود النزاع، بل تكشف عن استخفاف فاضح بالقانون الدولي وبسيادة الدول، ما يعكس حجم الحرج الذي واجهته قطر، والتي وجدت نفسها بين مطرقة مسؤوليتها كوسيط تقليدي في ازمات المنطقة وسندان انتهاك سيادتها امام اعين العالم، في وقت يتطلب منها الحفاظ على دورها ومصداقيتها كطرف ضامن للامن والسلام والاستقرار.

لكن انا اقول، ان التداعيات المستقبلية للهجوم تتجاوز اللحظة الراهنة، ما يمثل تحولاً جوهرياً في قواعد الاشتباك، فلم يعد النزاع محصوراً في غزة أو الضفة الغربية، بل انفتح على احتمالات تصعيد اقليمي أوسع، قد يعيد خلط الأوراق ويفرض على الأطراف مراجعة حساباتها، لكن ومن جهة أخرى، فإن حماس وكما سبق واشرت قد تجد في الحدث فرصة لإبراز نفسها كحركة تتعرض للاستهداف حتى في لحظات التفاوض، ما يعمّق أزمة الثقة مع الوسطاء ويضعهم أمام معادلة صعبة، أما اسرائيل، فقد ترى في الضربة ورقة ضغط قابلة للتوظيف، لكن كلفتها السياسية والدبلوماسية قد تكون اثقل من أي مكاسب عسكرية مؤقتة.

إن ما وقع في "الدوحة" قد يعطل مسارات الوساطات الجارية، ويؤجج التوتر بين إسرائيل والدول العربية المعنية بالتهدئة، وربما يدفع بعض الأطراف الإقليمية إلى إعادة ترتيب تحالفاتها، كما يسلط الضوء على هشاشة التفاهمات "غير المكتوبة" حول حدود التدخل العسكري والسياسي، ويطرح علامات استفهام حول قدرة الوسطاء على الاستمرار في ظل ضربات "تخبطية" من هذا النوع، فمن المؤكد وحسب تحليلي، ان المنطقة اليوم دخلت مرحلة جديدة حيث السياسة والحرب امتزجتا إلى حد يصعب فصلهما، واي ضربة عسكرية قادرة على اعادة تشكيل التحالفات وخطوط التفاوض.

بقي القول، اننا يجب ان نعترف ان "هجوم الدوحة" ليس حدثاً عسكرياً عابراً ولا نهاية قصة، بل بداية فصل جديد من التفاعلات الإقليمية، حيث تختبر قدرة حماس على الصمود، ومرونة الوسطاء في الحفاظ على أدوارهم، وحدود القوة الإسرائيلية في تجاوز جغرافيتها التقليدية، فالأيام القادمة ستكون حاسمة، فربما تصعيد مفتوح يجر المنطقة الى دوامة "توهان" جديدة، او عودة "مضطربة" الى طاولة المفاوضات في محاولة لإنقاذ ما تبقى من "فرص السلام" قبل ان تفلت الأزمة من عقالها.

والله ولي الصابرين





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :