facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"بين القوة والسيادة" إسرائيل تفشل وقطر تصنع الشرعية


فيصل تايه
11-09-2025 09:40 AM

خطاب ناري مأزوم خرج به رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" رفع فيه مستوى التحدي إلى أقصى حدوده ، متعهداً بملاحقة قادة "حركة حماس" بلا هوادة اينما وجدوا ، اذ كان الخطاب رسالة صريحة إلى العالم بأن "المصالح الأمنية" الإسرائيلية تتجاوز أي اعتبار ، في استهتار واضح بكل المبادرات الدبلوماسية التي تحاول وقف نزيف الدم في غزة ، لذلك فان هذه التصريحات لم تكن مجرد خطاب سياسي عابر ، بل إعلان صريح ان اسرائيل تؤكد عدم اعترافها بالقانون الدولي ، وانها تراهن على القوة العسكرية كأداة وحيدة لفرض إرادتها .

من الواضح أن الموقف الإسرائيلي يكشف ان هدف "اسرائيل" لا يقتصر على مواجهة حركة حماس فحسب، بل يتعداه إلى تقويض اي امل في التهدئة أو في الوصول إلى حل سياسي مستدام ، فهي تتجاهل بشكل صارخ الأعراف الدولية والقوانين التي تكفل سيادة الدول وتحمي مسارات الوساطة، لتعلن بوضوح ان قرار الحرب هو قرار إسرائيلي خالص ، بلا اعتبار للتكاليف البشرية على المدنيين أو للانعكاسات المحتملة على الاستقرار الإقليمي ، وبذلك ، تتجلى استراتيجية اسرائيل في فرض ارادتها بالقوة ، على حساب القانون الدولي، والشرعية، والجهود الدبلوماسية الرامية إلى حفظ الأمن والسلم والاستقرار .

ان هذا الصلف المزمن وهذه العنجهية الاستعلائية تتضح ملياً من خلال العملية العدوانية التي استهدفت "الدوحة" والتي لم تكن مجرد فعل عسكري ، بل صاعق سياسي وأخلاقي هدد سيادة دولة عربية وبدد جهود الوساطة، واظهر الوجه الحقيقي للاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على أن "القوة فوق القانون"، وان الالتزامات الدولية مجرد عقبات يمكن تجاوزها في اي لحظة ، اذ انها وفي الوقت الذي كانت قطر تحتضن جهوداً دبلوماسية حساسة، اختارت إسرائيل أن تضرب بعنف لتؤكد رفضها لأي مسار تفاوضي.

اما الرد القطري فجاء في وقته، رداً حازماً وواضحاً ، مستنكراً وبأشد العبارات التصريحات المتهورة التي ادلى بها "نتنياهو" خاصة ما هو متعلق بشأن استضافة دولة قطر لمكتب حركة حماس ، وما تضمنته من محاولة مشينة لتبرير الهجوم الجبان الذي استهدف الأراضي القطرية، إضافة إلى التهديدات الصريحة بانتهاكات مستقبلية لسيادة الدولة، كما وصف رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الهجوم بأنه "خيانة كاملة" و"إرهاب دولة"، مؤكداً في الوقت نفسه أن بلاده لن تتراجع عن دورها في الوساطة ، لكن هذا الموقف لم يكن مجرد إدانة ، بل كشف هشاشة الخطاب الإسرائيلي امام القانون الدولي ، واكد ان القوة العسكرية وحدها عاجزة عن صناعة شرعية سياسية او اخلاقية.

إقليمياً ، فقد احدثت العملية شرخاً في التوازنات ، إذ تعاطفت الدول العربية مع قطر وادانت التصعيد الإسرائيلي ، فيما أظهرت ردود الفعل الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ان اسرائيل تواجه عزلة دبلوماسية متنامية ، كما ان العملية أضرت مباشرة بملف الرهائن، إذ فقدت الوساطات مصداقيتها، مما زاد من تعقيد المشهد وأضعف فرص الوصول الى اي اتفاق آمن.

اعود الى القول ، ان كل هذه التطورات أظهرت ان اسرائيل ، بسياستها "المتهورة" ، تراهن على القوة العسكرية جاءت لإرضاء تركيبتها السياسية الداخلية المتطرفة، وفي المحصلة ، فقد تعتقد انها حققت مكسباً ميدانياً عبر عمليتها الأخيرة، لكن ذلك المكسب في الواقع كان "مكسباً وهمياً" جاء على حساب مكانتها الدولية، حيث عمق عزلتها وأضعف الثقة بأي وساطة مستقبلية ما يعرضها لضغوط اقليمية ودولية متزايدة .

في المقابل ، فقد عزز الموقف القطري من مكانته كوسيط يحظى بالمصداقية ، ليس فقط على المستوى الإقليمي ، بل أيضاً في نظر المجتمع الدولي الذي يبحث عن طرف ملتزم بالقانون والشرعية ، فقد رسخت قطر مكانتها كوسيط نزيه وفاعل ، مؤكدة ان الالتزام بالقانون والشرعية ، ما يمنح الدول قوة سياسية حقيقية.

بقي ان اقول ، ان هذا المشهد يكشف ان القوة العسكرية، مهما بلغت من تفوق عسكري نوعي وما يتيحه من فرض وقائع على الأرض او تحقيق مكاسب آنية ، الا ان هذا المسار يظل عاجزاً عن إنتاج شرعية مستدامة قادرة على الصمود ، بينما تثبت المبادرات القانونية والدبلوماسية انها المسار الأكثر رسوخاً وتأثيراً على المدى البعيد.

وأخيراً ، فان "اسرائيل" وفي هذا السياق، تبدو أمام مأزق بنيوي ، فهي تراكم قوة صلبة هائلة لكنها تفتقر الى الأسس الأخلاقية والقانونية التي تترجم هذه القوة إلى شرعية مقبولة ، وبهذا، يتأكد ان المبادرات القانونية والدبلوماسية ليست مجرد أدوات موازية أو تكميلية، بل هي الإطار الأكثر رسوخاً وفاعلية في صياغة مستقبل العلاقات الدولية ، لأنها تمنح الاستمرارية والاعتراف، وهو ما لا تستطيع القوة المسلحة، مهما تعاظمت ، أن تضمنه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :