عمون - من عبد الحميد حميد الكبي - تتربع مدينة أنديجان، إحدى أقدم مدن وادي فرغانة، على عرش السياحة الناشئة في أوزبكستان، حيث تجمع بين تراثها العريق على طريق الحرير وطموحها الحديث نحو التنمية المستدامة. في عامي 2024 و2025، تشهد المدينة نهضة سياحية غير مسبوقة، مدعومة بمبادرات مبتكرة لتعزيز البنية التحتية، تطوير المعالم التاريخية، واستقطاب السياح المحليين والدوليين. من مهرجانات ثقافية عالمية إلى مشاريع سياحية بيئية وعلاجية، تتحول أنديجان إلى وجهة جاذبة تجمع بين التاريخ والطبيعة والحداثة.

تُعد أنديجان، التي تأسست قبل أكثر من 2500 عام، واحدة من أقدم مدن أوزبكستان، وكانت محطة مهمة على طريق الحرير. تشتهر المدينة بكونها مسقط رأس ظاهر الدين محمد بابور، ، وتضم معالم أثرية تعود إلى القرنين السابع والثامن. في عام 2024، استقطبت أنديجان 499 ألف سائح أجنبي و1.65 مليون سائح محلي، بزيادة 35% عن الأعوام السابقة، بفضل تطوير البنية التحتية وتنويع العروض السياحية. تشمل المعالم البارزة مجمع "جامي" التاريخي ومدينة "مينغتيبا" الأثرية، التي تقع على بعد 30 كم من المدينة، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق التاريخ والثقافة.

وتعمل أنديجان على تعزيز بنيتها التحتية لاستيعاب تدفق السياح المتزايد. تضم المنطقة حالياً 22 فندقاً، 105 بيوت ضيافة عائلية، و27 نزلاً، بإجمالي قدرة استيعابية تصل إلى 3500 سائح في وقت واحد. في عام 2024، تم إجراء جرد شامل لـ79 موقعاً تاريخياً وسياحياً، مع ترميم معالم بارزة مثل مرقد "قتيبة بن مسلم" في جالاكودوك، ومسجد "صالح خوجي" في أنديجان، ومجمع "أرك إيتشي" التذكاري. كما تم إنشاء تلفريك في خوجا آباد بين جرفين جبليين، مما أضاف تجربة سياحية فريدة جذبت آلاف الزوار. وفي 2025، تخطط المنطقة لإنشاء 3 فنادق جديدة بـ450 سريراً، إلى جانب 9 بيوت ضيافة و4 مشاريع خدمية كبيرة.

حيث تشهد أنديجان تطوراً ملحوظاً في أنماط السياحة المتنوعة، بما في ذلك السياحة الثقافية، البيئية، الغذائية، العلاجية، والتعليمية. في مجال السياحة الغذائية، تم افتتاح مطعم صيني وسوق للمأكولات البحرية في 2024، إلى جانب مطاعم تقدم مأكولات تركية، روسية، كورية، وأويغورية. أما السياحة العلاجية، فقد جذبت 30 ألف زائر أجنبي، بفضل جودة الخدمات الطبية وانخفاض تكاليفها. في السياحة التعليمية، تستضيف مؤسسات التعليم العالي في أنديجان أكثر من 800 طالب أجنبي من دول مثل الهند وباكستان، مع خطط لزيادة العدد إلى 2000 طالب في 2025، مدعومة بمذكرات تفاهم مع جامعات هندية.

ساهمت الفعاليات الدولية في تعزيز مكانة أنديجان كوجهة سياحية. في يوليو 2024، استضافت مدينة خان آباد المهرجان الوطني الدولي للفن الشعبي "أصوات العالم"، الذي جذب 2 مليون زائر محلي وأجنبي. كما استضافت أنديجان مباريات مرحلة المجموعات لبطولة العالم لكرة الصالات في أكتوبر 2024، مما جلب 16 ألف سائح أجنبي من دول مثل إسبانيا، كازاخستان، ونيوزيلندا. هذه الفعاليات عززت تدفق السياح وأطالت مدة إقامتهم من 1.5 يوم إلى 3 أيام، مما يعكس نجاح استراتيجيات الترويج السياحي.

وشاركت أنديجان في معارض سياحية دولية بارزة في 2024، مثل ITB-Berlin في ألمانيا، Tokio Expo Japan، وSalom Osh في قيرغيزستان، مما ساهم في الترويج لإمكانياتها السياحية. كما وقّعت أكثر من 70 اتفاقية تعاون مع شركات سفر عالمية خلال معرض طشقند الدولي للسياحة في نوفمبر 2024. هذه الجهود عززت مكانة أنديجان كوجهة جاذبة، حيث تم تطوير مسارات سياحية مثل "حلقة السياحة في أنديجان" و"الطريق السياحي"، التي تتيح للزوار اختيار مسارات تناسب اهتماماتهم ومدة إقامتهم.

كذلك تُعد مدينة خان آباد، المعروفة بـ"سويسرا أوزبكستان"، مركزاً سياحياً بارزاً في وادي فرغانة، بفضل ارتفاعها 850 متراً وطبيعتها الخلابة. في 2024، تم تطوير مرافق مثل مصحة "خوناباد" ومركز "خونتوغ" الترفيهي، إلى جانب موقع الحج "فوزيلمون أوتا". كما يجري العمل على إنشاء بحيرة اصطناعية ومرافق سياحية بيئية في منطقة كامبيروفوت المجاورة لخزان أنديجان. هذه المبادرات جعلت خان آباد وجهة مثالية للسياحة البيئية والترفيهية، مع خطط لتطوير 20 مشروعاً سياحياً جديداً بحلول 2025.

لذلك تتطلع أنديجان إلى تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية في 2025 من خلال مشاريع طموحة، مثل تحويل حي شيرمونبولاك في بولاكباشي إلى "حي سياحي" يتضمن 20 كبسولة إقامة، 20 بيت ضيافة، تلفريك، وخط انزلاقي. كما تخطط لتوسيع السياحة البيئية من خلال إنشاء مرافق جديدة حول خزان أنديجان، وتعزيز السياحة التعليمية والعلاجية عبر استقطاب المزيد من الطلاب والمرضى الأجانب. هذه الخطط تهدف إلى زيادة عدد السياح بنسبة 20% ورفع إيرادات القطاع السياحي إلى 800 مليون دولار في 2025.

تتحول أنديجان بسرعة إلى وجهة سياحية متكاملة تجمع بين التراث التاريخي والطبيعة الساحرة والمبادرات الحديثة. مع استثماراتها في البنية التحتية، تنويع أنماط السياحة، والترويج الدولي، تستعد المدينة لتكون نجمة وادي فرغانة في 2025. من خلال رؤية طموحة وجهود متواصلة، تضع أنديجان أوزبكستان على خارطة السياحة العالمية، مقدمة تجربة لا تُنسى لكل زائر.