facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القبائل والعشائر السورية نحو استعادة الدور وتوحيد الكلمة


د. حسين سالم السرحان
15-09-2025 11:56 AM

إن تأسيس مجلس موحد للقبائل والعشائر السورية ليس مجرد مبادرة اجتماعية عابرة، بل يمثل مشروعًا وطنيًا بامتياز، يعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويمنح الصوت لمكون أصيل لطالما كان جزءًا لا يتجزأ من الأرض والتاريخ والهوية السورية.

وفي ظل التحولات العميقة التي يشهدها المشهد السوري اليوم، تبرز الحاجة الملحّة إلى إعادة النظر في مكانة القبائل والعشائر العربية السورية، لا بوصفها مجرد بنية اجتماعية تقليدية، بل كقوة فاعلة قادرة على الإسهام في إعادة بناء المجتمع واستعادة النسيج الوطني الذي تضرر بفعل الحرب والانقسامات السياسية والطائفية.

لقد عانت العشائر السورية، كما هو الحال في معظم الجمهوريات العربية، من تهميش ممنهج مارسته الأنظمة الشمولية التي نظرت إلى البُنى التقليدية ـ كالعشيرة والقبيلة ـ باعتبارها تهديدًا لمشروع الدولة المركزية أو لهيمنة الحزب الواحد.

ورغم أن هذه القبائل لم تكن يومًا عقبة أمام الانتماء الوطني، بل كانت عبر تاريخها حاملة لقيم الانتماء والولاء، فقد جرى تصويرها على أنها بقايا من الماضي يجب تجاوزها، بدل أن يُنظر إليها كمصدر للتماسك الاجتماعي وكمخزون للقيم يمكن البناء عليه في المراحل الانتقالية الصعبة.

وفي مفارقة لافتة، تنبّهت الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبمشورة من المملكة المتحدة ذات الخبرة الطويلة في إدارة المجتمعات العشائرية، إلى القيمة الاستراتيجية لهذه الكيانات التقليدية، لا سيما في أوقات الأزمات والنزاعات. وقد تجلّى ذلك بوضوح في النموذج العراقي بعد عام 2003، حين أضحت العشائر شريكًا أساسيًا في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، واستُدعيت إلى طاولة الحوار، وعُقدت لها المؤتمرات، وشاركت في تحالفات حتى مع الدول الكبرى، التي أدركت أن دور العشائر يتجاوز البعد المحلي إلى كونه عنصرًا حاسمًا في استقرار المجتمعات ونجاح عمليات الانتقال السياسي والأمني.

من هذا المنطلق، تكتسب الدعوة إلى تشكيل مجلس موحد للقبائل والعشائر السورية أهمية بالغة في هذا التوقيت المفصلي. مجلس يضم ممثلين حقيقيين من مختلف المحافظات والمناطق، ويهدف إلى توحيد الكلمة، وتمثيل هذا المكوّن في مسارات النقاش الوطني، والمشاركة الفاعلة في رسم ملامح مستقبل سوريا. وهي خطوة لا تعني الانكفاء على الهويات الضيقة، بل الاعتراف بالتعدد ضمن إطار وطني جامع يعيد الاعتبار لكل مكونات المجتمع السوري دون استثناء أو إقصاء.

في هذا السياق، من المفيد النظر إلى التجربة الأردنية الرائدة في التعامل مع العشائر بوصفها رافدًا من روافد الدولة، لا خصمًا لها. إذ لم يُنظر إلى العشائر كمصدر تهديد، بل كركن أساسي من أركان التماسك المجتمعي والاستقرار السياسي.
وجرى دمجها في بنية الدولة، فكانت شريكة في بناء الأمن والسلم الأهلي، وأسهمت في استقرار البلاد وفي ترسيخ الهوية الوطنية . لقد أدركت الدولة الأردنية، بوعي مبكر، أن احترام العشائر وتعزيز مكانتها داخل الإطار الوطني هو الطريق الأمثل لتحويلها إلى حليف استراتيجي، لا إلى طرف مهمّش أو مغيّب.

إن المطلوب اليوم، في ظل ما تمرّ به المنطقة العربية عمومًا وسوريا خصوصًا، هو تجاوز النظرة النمطية التي ارتبطت بالعشائر والقبائل، وتبني مقاربة جديدة تُعلي من شأن دورها الوطني، وتوظف إمكانياتها في المصالحة المجتمعية، وبناء السلام، ومحاربة التطرف، ودعم وحدة البلاد. فالعشائر ليست مجرد مكون اجتماعي، بل هي خزّان عميق للقيم والتقاليد والولاء الوطني، يمكن أن يشكل ركيزة في إعادة بناء العقد الاجتماعي السوري على أسس أكثر عدالة وشمولًا وواقعية.

حمى الله سوريا





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :