facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حقوق القضاة ليست رفاهية


د.اكرم مساعدة
16-09-2025 05:48 PM

عندما كنت أعيش الواقع القضائي لعشرات من السنين خلت، كنت اعتقد ان القاضي يتمتع بمزايا يتفوق بها على غيره من اقرانه الذين نهجوا مسارات عملية أخرى.

لكن عندما غادرت موقعي من هذا المرفق العظيم، وخضت ميادين الحياة الأخرى، وبدأت انظر للقضاء برؤية المراقب. وجدت ان هذا القضاء الأردني بأشخاصه، أعظم مما كنت اعتقد، وأجل مما كنت أفكر. وان ما كنت احسبها ميزات هي رتوش حياتية إذا ما قيست بالجهد الفكري والبدني الذي يبذله القاضي.

هذا القاضي المحايد الملتزم الفهيم القوي الذي يقوم بعمله مرسخاً العدالة، حارساً للحريات، حافظاً للأموال والاعراض. لا ينتظر جزاءً ولا شكوراً من أحد، يفني عمره منقطعاً عن العالم ليؤدي الأمانة التي أنيطت به، إرضاءً لضميره واستجابة لمبادئه.

ربما يرى البعض ان رواتب القضاة ومزاياهم تفوق ما يجنيه غيرهم، لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً فهم الفئة التي تعطي الكثير مقارنة بأقرانهم العاملين في القطاعين العام والخاص.

عندما كنت في أواخر عملي القضائي نائباً لرئيس محكمة التمييز ورئيساً لهيئة الضريبة والجمارك، كنت مع زملائي الأربعة نصدر احكاماً قطعية فيما يزيد على 150 قضية في الشهر.

وهذا يعني ان القاضي سيكتب على الأقل ثلاثين حكماً ويتناقش مع زملائه الأربعة فيها وفي الاحكام التي كتبوها ، قانوناً ولغةً، حتى يتم اصدار هذه الاحكام بصفتها النهائية.

وهنا لا بد للمراقب - من خارج القضاء - ان يحسب ويعي، كم يتطلب مشاركة القاضي في اصدار 150 حكماً كتابة ومناقشة ولغة وتدقيقاً لكل شهر، وهي احكام نهائية وليست احكاماً ابتدائية او استئنافية، أي انها القول الفصل في المنازعة القضائية. ويبذل باقي القضاة في هذا الجهاز العظيم جهداً مقارباً لما يبذله الأساتذة الكبار قضاة محكمة التمييز.

والسؤال هل يوجد موظف او عامل في الدولة وفي القطاع الخاص من يقوم بهذا العمل الذي يحمل عبأه القاضي؟

ثم ماهي الأحوال الصحية للقضاة الذين يصلون الى التقاعد بالذات؟! أليس هذا الجلوس الطويل والتفكير الممعن بما رافقهما من حياة محفوفة بقيم ثابتة، وسلوك صارم، أكبر من أن يُذكر معها

مزايا ؟؟ أنني لا أرى أي مزايا مهما كانت تكفي لمكافأة القاضي وبما يقع على كاهله من مهام جسيمة.

انا هنا لا أكتب لكي يُنظر لمرفق القضاء ولا للقضاة بجدية أكبر، فعيون الدولة الأردنية متجهة دائماً نحو القضاء، لكن القضاة تأبى أنفتهم وكبرياؤهم ان يطلبوا او ان يكلفوا غيرهم بالتحدث باسمهم او تزكيتهم.

وكل قصدي من هذه الكلمات ان أبين لشرائح المجتمع الأخرى - بعد ما غادرت المرفق -الجهد العظيم الذي يبذله قضاتنا الرائعون جميعاً، قبلتهم ورجواهم في ذلك، رضا الله وتحقيق العدالة وأداء الرسالة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :