موقف أردني مقدر .. وخطوة قطرية تسجل
م. عبدالفتاح الدرادكة
18-09-2025 01:34 AM
الموقف الأردني والذي عبر عنه جلالة الملك في قمة الدوحة وكذلك الموقف الاردني في مجلس الأمن، والذي عبّر عنه وزير الخارجية بعد العدوان على قطر، شكّلا لحظة استثنائية وأشعلا في قلوب الأردنيين والعرب شعورًا بالعزة والكرامة. ذلك الخطاب الصريح لجلالة الملك كان له أثره الواضح في لفت أنظار المجتمع الدولي إلى لا أخلاقية السياسات الإسرايلية. ولو أن مثل هذا المواقف الأردنية وجدت دعمًا عربيًا وإسلاميًا موحدًا، لكان تأثيرها أعظم، ولأمكن عزل إسرائيل سياسيًا وأخلاقيًا على مستوى العالم.
إضافة إلى ذلك، فإن ما ذكر من خلال بعض المصادر الإخبارية من ان قطر ستقوم بتعليق شراء طائرات بوينغ بقيمة 150 مليار دولار، وهو عقد يشغّل نحو 250 ألف وظيفة في الولايات المتحدة في حال استمرار دعم الولايات المتحدة لاسرائيل وإن صح هذا الخبر، تشكّل ورقة ضغط اقتصادية لا يستهان بها ، وان تأكيد ذلك واستمرار هذه الخطوة سيجبر الإدارة الأمريكية على التفكير مليًا في جدوى استمرارها بالدعم الأعمى لإسرائيل على حساب مصالحها الاستراتيجية مع العرب.
إن المواقف الاردني في قمة الدوحة ومجلس الامن وخطوة قطر لها اثر اكبر بكثير من نتائج القمة العربية الاسلامية والتي انتهت وكما جرت العادة، بإصدار بيان إدانة للعدوان الإسرائيلي على قطر، ووصفت ذلك العدوان بالجبان. لكن الحقيقة تبقى أن بيانات التنديد وحدها لا تكفي، وأن العالم لا يحترم سوى الأقوياء. فقد اعتاد الكيان على التنكر للعهود وعدم احترام الوسطاء، بل إن عدوانه الأخير على قطر جاء في وقت كانت فيه تلعب دور الوسيط برعاية أمريكية لوقف العدوان على غزة، مما يثبت أن “إسرائيل” لا تعرف إلا لغة القوة.
إننا بحاجة إلى مواقف عربية جماعية تتجاوز بيانات الشجب إلى خطوات عملية، ولو متواضعة، ولكنها موحدة ومستمرة. عندها فقط ستشعر واشنطن وتل أبيب أن كلفة العدوان أكبر من مكاسبه، وأن مصالحها مع الدول العربية والإسلامية أوسع وأهم من التمسك بعلاقة منحازة مع إسرائيل.
لقد آن الأوان أن ندرك أن النخوة والمروءة ليست شعارات، بل مواقف عملية تُترجم بالفعل والضغط والمقاطعة. فالتاريخ لا يرحم أمة تخلت عن كرامتها، ولا يغفر لقيادات خانت شعوبها بالرضوخ للتبعية. إن الوعي الجمعي للأمة يجب أن يتجذر في رفض الذل، وتجاوز حالة الانبطاح التي ورثناها منذ سايكس-بيكو، والتأكيد على أن العرب قادرون إذا اتحدوا أن يغيّروا موازين القوى.
إما أن نستعيد كبرياءنا ونفرض احترامنا على العالم، أو نظل أمة بلا موقف… ورجال بلا نخوة.
والله من وراء القصد..