facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطاب الملك في الأمم المتحدة وثيقة أخلاقية وسياسية


فيصل تايه
23-09-2025 08:23 AM

خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مساء امس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كان اكثر من مجرد كلمة دبلوماسية ، فقد بدا وكأنه اعلان موقف تاريخي يزاوج بين الأخلاق والسياسة، بين لغة الضمير ولغة الواقعية ، فلم يكن الخطاب تكراراً لمواقف مألوفة، بل قراءة متجددة للأزمة الفلسطينية والشرق أوسطية، تعيد تعريف القضية الفلسطينية في اطارها العالمي، باعتبارها مأساة أخلاقية وانسانية قبل ان تكون نزاعاً سياسياً ، فقد وضع جلالة الملك بهذه المقاربة المجتمع الدولي امام امتحان قيمي وسياسي في آن ، مؤكداً ان استمرار الاحتلال ليس مجرد خطأ سياسي، بل تهديد استراتيجي للأمن والاستقرار العالمي.

ما ميز الخطاب أنه تحرر من قوالب الشكوى التقليدية، ليتجه إلى لغة المسؤولية المشتركة والضغط الدولي المبرر ، فجلالته دعا بوضوح إلى انهاء الحرب على غزة وفتح مسارات المساعدات الإنسانية دون عوائق، كما واشاد بالدول التي اعترفت بدولة فلسطين، في خطوة استراتيجية ذكية تهدف إلى خلق زخم دبلوماسي جديد يصعب العودة إلى مقاييس ما قبل الأزمة ، كما ولم يكن هذا الشكر بروتوكولياً، بل جزءاً من خطة دبلوماسية متكاملة لتكريس حل الدولتين كإطار وحيد واقعي وقانوني لتحقيق السلام، وتحفيز المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته امام الظلم والاحتلال.

وفي محور آخر، برزت القدس كرمز جامع يتجاوز السياسة والجغرافيا لتغدو عنواناً للإنسانية جمعاء، ومكاناً للسلام لا للعنف والانقسام ، فقد أكد جلالة الملك الدور التاريخي للوصاية الهاشمية في حماية المقدسات، وجعل من القدس قضية إنسانية عالمية لا يمكن عزلها في إطار نزاع محلي، محولاً الرمز الديني إلى منصة للسلام العالمي ، وفي الوقت نفسه، منح الشباب حضوراً لافتاً في الخطاب، محذراً من تهميش ملايين منهم عن ثروة العالم وفرصه التكنولوجية، وكأنه يقول ان العدالة لا تنحصر في فلسطين وحدها، بل تشمل كل جيل مهدد بالإقصاء في زمن التقدم السريع، محولاً الخطاب من ضيق الإقليمية إلى رحابة الإنسانية.

الخطاب احتوى على رسائل مزدوجة الموجهات ، رسالة إلى الفلسطينيين بأن الأردن ثابت في دعمهم ودفاعه عن حقوقهم ، ورسالة إلى الإسرائيليين بأن استمرار الاحتلال لن يمنحهم الأمن ولا الشرعية، ورسالة إلى المجتمع الدولي بأن الصمت والتردد أصبح شراكة في إطالة أمد الأزمة ، اما المعادلة التي قدمها جلالته فكانت واضحة وحاسمة ، فاما سلام عادل قائم على القانون الدولي وحل الدولتين، واما حرب مفتوحة تبقي المنطقة والعالم رهينة للفوضى.

ما يميز خطاب جلالة الملك هو أنه لم يكن مداخلة اعلامية عابرة تلقى لمرة واحدة، بل وثيقة أخلاقية وسياسية استراتيجية ترسم معالم مرحلة جديدة ، اذ يحول الخطاب النداء الأخلاقي إلى فعل سياسي ملموس، ويضع العالم امام لحظة اختيار حاسمة ، فاما ان ينحاز الى قيم العدالة والإنسانية، او يتحمل وزر استمرار حرب لا تنتهي ، فقوته ليست فقط في عباراته المحكمة او رمزيته السياسية، بل في طموحه العملي، حيث يربط بين الخطاب الرمزي والفعلي، وبين السياسة والأخلاق، وبين المسؤولية التاريخية للحفاظ على المقدسات والواجب الدولي تجاه حقوق الإنسان.

في النهاية، خطاب جلالة الملك ليس مجرد كلمة، بل وثيقة استراتيجية وانسانية، تجعل الأردن في موقع الفاعل، وتطالب المجتمع الدولي باختيار واضح ، اما السلام العادل عبر العدالة وحل الدولتين ، او مواجهة تبعات الحرب المستمرة التي تهدد الأمن والاستقرار العالمي ، فالخطاب يضع الإنسان والقيم المشتركة في صلب السياسة، ويذكر العالم بأن الاستقرار والسلام لا يبنيان الا على أساس العدالة واحترام الحقوق، وان القدس والشباب والضمير الإنساني هم محور أي حل حقيقي ومستدام.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :