هناك ما يثير المرء لفتح نقاش حول ما يجري في مسار الدولة التي واجهتها هو مجموعة القرارات وتنفيذ المشاريع والتخطيط للمستقبل.

والامر يسير سلسا متوافقا حين لا يظهر اي صدام او تناقض ، ونعيش في حياة رتيبة منتظرين النتائج الايجابية وقد نصطدم بنتائج بعيدة عن التوقعات ونتجرع مثل هذه الحالات حين لا تملك من الامر شيئا وليس لك القدرة على احداث اي تغيير سوى بأن تكتب مقالا بحذر ، او تعبر عن ذلك في مؤتمر ما ، أو تتحدث بأعلى سقف في جلساتك الخاصة.

في هذا السياق ومن مطالعة العديد من دراسات علماء الفكر والسياسة والفلسفة في ادارة الدولة بدءا من العالم المسلم ابن خلدون الى من قال ان الدولة هي غاية ومشروع لـ " فريدريك هيغل " صاحب كتاب فلسفة الحق ، الى من ربط عقل الدولة بالحكم الرشيد مستشهدا بأن اطلاق مصطلح " الخلفاء الراشدين " انما جاء من الرشد في حكمهم وادارة الدولة من الداخل او بغزواتها وادارة اتساع الدولة باقتدار ،وحتى في ثروة الامم لآدم سميث وكأنه يشير الى ان عظمة ثروات الامة قد لا تصنع الدولة القوية اذا فقدت الدولة العقل . لنخرج الى فضاء اوسع حين نراقب ما يجري في الساحة الاردنية من بعض القرارات لا نعرف كيف نفهمها ،؟ و حتى لماذا ؟ و لماذا هذا وهذاك في هذا المنصب ليتخذوا قرارات بلا وعي ولا ادراك سوى لهدف تحقيق نجاح سريع بلا روية او رشد أو وعي ولاثبات نجاح مزعوم .

دراسات عديدة تناولت عقل الدولة وكيف يمكن ان يكون المركز في صنع القرار ، وأن يجمع عناصر قوة الدولة ويحسن استغلالها ، وأن تكون هناك خطة استراتيجية للتعامل مع المواقف الطارئة التي تعترض مسيرة الدولة . وأن يكون الحزم سيد الموقف ، وأن الدولة ليست حقل تجارب يمنح محاولات عديدة لهذا المسؤول أوذاك .

وتدعو الدراسات أن مصدر التخطيط والارشاد لعقل الدولة الرشيد هو مراكز الدراسات ،ربما لدينا حالة واحدة وهو اجراء استبيان لا يخلو من التحيز حول مثلا أول مائة يوم لحكومة فلان ، ومن ثم تقديم تحليل لنتائج الاستفتاء ، وهذه هي الحالة الوحيدة ، ولكن ان نرى مراكز دراسات تقدم توجيهات للدولة فربما نأخذ الامر بصورة أخرى أن هناك مراكز دراسات وجمعيات فكرية تقدم توصيات ولكن لم نسمع أن قالت الحكومة اننا أخذنا بتوصيات مركز دراسات ما .

موضوع عقل الدولة جدير بالدراسة لبناء منظومة فكرية اخلاقية تتجاوز المزاجية والتسرع وتستند الى التاريخ والهوية والذاكرة وتجذير مفاهيم المواطنة والعمل الوطني ، وأن يكون لدينا ورشات عمل وتوجيه عقد ندوات في هذا السياق

ونحن في الشرق كنا مصدر الفكر والعلوم من عهد بغداد الرشيد ، وقال مفكرون غربيون ان الحضارة هي من الشرق ، لكنها كالشمس قد اتجهت الى الغرب .

لن نعيد الشمس لتشرق من جديد ، ولكن العقل الراشد هو ما يمكن توطينه وان يكون النبراس .