مبادرة ريادية لحماية الهوية الثقافية الأردنية
السفير الدكتور موفق العجلوني
07-10-2025 04:54 PM
* تكريم الفائزين بجائزة التراث لعام 2025
في مشهد مهيب يعكس تقدير الأردن لإرثه الحضاري والثقافي، رعت سمو الأميرة دانا فراس، رئيسة الجمعية الوطنية للمحافظة على البترا، صباح يوم أمس الاثنين الموافق 7 أكتوبر 2025، حفل الإعلان عن الفائزين بـ"جائزة التراث لعام 2025"، والذي أقيم في مسرح الأوديون وسط حضور لافت من أصحاب السمو الأمراء والأميرات، وعلى رأسهم سمو الأمير رعد بن زيد حفظه الله و اطال الله في عمره، إلى جانب نخبة من الشخصيات الوطنية والقيادات المهتمة بالحفاظ على التراث الأردني.
جاءت جائزة التراث هذا العام تتويجًا لجهود مؤسسات وأفراد كرسوا طاقاتهم لحماية التراث الثقافي الأردني، بمختلف أنواعه المادي والمعنوي، وتوثيقه ونقله للأجيال القادمة. وقد شهد الحفل تكريم نخبة من الفائزين الذين قدموا مشاريع نوعية ومبادرات مجتمعية تركت أثرًا ملموسًا في الحفاظ على الموروث الثقافي الوطني.
وقد عبّرت سمو الأميرة دانا فراس في كلمتها خلال الحفل عن اعتزازها العميق بما أظهره المتقدمون للجائزة من التزام وشغف تجاه التراث، مؤكدة أن "الحفاظ على التراث ليس رفاهية، بل هو مسؤولية وطنية وإنسانية تحتم علينا حماية جذورنا الثقافية في وجه التغيرات المتسارعة".
ليست هذه المبادرة الأولى لسمو الأميرة دانا فراس في مجال حماية التراث، فهي تُعرف بدورها الريادي محليًا ودوليًا في هذا المجال، خاصة من خلال رئاستها للجمعية الوطنية للمحافظة على البترا، ومكانتها العالمية كسفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة. وقد تشرفت بحضور عدد من هذه الفعاليات،
أسهمت سموها عبر السنوات في تعزيز الوعي المجتمعي بقيمة التراث، ودفعت نحو شراكات مؤسسية ومجتمعية تصب في خدمة الحفاظ على المعالم التاريخية والمواقع الأثرية، فضلاً عن دعمها المتواصل للطاقات الشابة والباحثين والمبادرين في هذا القطاع الحيوي.
لم يكن حضور سمو الأمير رعد بن زيد لهذا الحدث إلا تأكيدًا جديدًا على دوره التاريخي والوطني في دعم قضايا الثقافة والتراث، وهو الدور الذي يمتد عبر العقود، ويعكس عمق التزام العائلة الهاشمية بصون الهوية الأردنية. وقد شارك أبناء سموه – الأمراء زيد وفراس ومرعد – في هذا النهج الداعم للتراث، من خلال مساهماتهم المتنوعة محليًا ودوليًا.
ومن واقع تجربتي الشخصية، خلال عملي في السلك الدبلوماسي خارج المملكة، كانت لي ولأفراد عائلتي فرص متعددة لمتابعة هذا الدور المشرّف عن كثب، فقد شهدنا المشاركة النشطة والمشرفة لأصحاب السمو الأمراء والاميرات في المحافل الثقافية والمعارض الدولية، وعلى رأسها فعاليات منظمة اليونسكو في باريس، حيث قدموا نموذجًا رفيعًا في تمثيل الأردن والدفاع عن تراثه وإرثه الثقافي أمام العالم. وقد تركت هذه المشاركات أثرًا بالغًا في نفوسنا، إذ رأينا بأعيننا حجم الاحترام الذي يحظى به الأردن بفضل هذه الجهود الرفيعة والمخلصة.
اتسم الحفل بأجواء احتفالية رسمية وشعبية، حيث حضره عدد كبير من المهتمين من كافة مناطق المملكة، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين واصحاب السعادة السفراء وممثلين عن المؤسسات الثقافية والجامعات والمجتمع المدني. وقد أكد الحضور على أهمية هذه الجائزة كمنصة لإبراز الجهود المبذولة في مجال التراث، وكمبادرة وطنية رائدة تضع الأردن في مصاف الدول الساعية بجدية للحفاظ على هويتها الثقافية.
تمثل "جائزة التراث 2025" مبادرة غير مسبوقة على مستوى المملكة، من حيث شموليتها وأثرها، فهي لا تقتصر على تكريم الرموز أو المشاريع الكبرى فحسب، بل تحتفي أيضًا بالمبادرات المجتمعية الصغيرة والمواهب الشابة، ما يعكس نهجًا شموليًا يعزز فكرة أن التراث هو مسؤولية جماعية تشاركية.
وقد حظيت المبادرة بإشادات واسعة من قبل المشاركين والحضور، حيث عبّر العديد منهم عن شكرهم العميق لسمو الأميرة دانا فراس على قيادتها لهذا المشروع الملهم، الذي يشكل نقطة تحول في العمل الوطني المتعلق بحماية التراث.
إن جائزة التراث 2025، برعاية سمو الأميرة دانا فراس، وبدعم العائلة الهاشمية الكريمة ممثلة بسمو الأمير رعد بن زيد وأبنائه، تمثل رسالة وفاء للأرض والتاريخ والإنسان الأردني، وتجسيدًا عمليًا لروح الانتماء الوطني. إنها دعوة مفتوحة للاستمرار في صون التراث كجزء لا يتجزأ من الهوية الأردنية، وكمورد ثقافي واقتصادي وإنساني لا يقدّر بثمن.
عاش الأردن بلد التاريخ والثقافة والتراث والحضارة، بلد الامن والأمان، و بلد الضيافة والكرم في ظل سيدي و مولاي جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين سمو الامير الحسين حفظهم الله.
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me