facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مبادرة وزارة الداخلية .. "إصلاح اجتماعي بروح إنسانية"


فيصل تايه
08-10-2025 08:56 AM

في خطوة جريئة ومستنيرة ، أطلقت وزارة الداخلية "مبادرة" تنظيم الظواهر الاجتماعية، لتعيد إلى مجتمعنا الأردني جوهر التقاليد التي وجدت أصلاً لراحة الناس وتخفيف أعبائهم ، لا لاستنزاف مواردهم أو إثقال كواهلهم ، اذ ان هذه "المبادرة" لا تحمل في مضمونها قرار إداري روتيني ، بل توجه انساني نحو تغيير اجتماعي جذري يواجه عادات أثقلت كاهل الأسرة والمجتمع لأجيال وعقود ، ويضع حداً للتصرفات المبالغ فيها التي شوهت مناسبات الفرح والحزن على حد سواء.

من الواضح ان الممارسات السابقة في حفلات الزواج والمهور والجاهات أظهرت آثاراً سلبية عميقة على الأسر، سواء من الجانب المالي أو الاجتماعي ، فالمغالاة في المهور والاحتفالات الفخمة أصبحت عبئاً خانقاً على الشباب الراغب في تأسيس أسر جديدة ، وزيادة للضغوط الاقتصادية التي تهدد الاستقرار الأسري والمجتمعي على حد سواء ، فمن هنا، فإن مبادرة "وزارة الداخلية" في تبسيط المهور، وتقنين اعدد المدعوين، وإلغاء المظاهر الاستعراضية، والتسيير المبالغ فيه للمواكب ، ليست مجرد توجه لتنظيم العادات ، بل محاولة لإعادة الاعتبار لما كان يجب أن تكون عليه التقاليد ، كوسيلة لتيسير الحياة وليس لإثقالها.

وكذلك بالمثل ، فإن اقتراح إقامة بيوت العزاء ليوم واحد فقط، مع اقتصار تقديم الطعام على ذوي المتوفى ، يعكس فهماً عميقاً وحرصاً حقيقياً صادقاً على تقدير الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ، حيث ان هذه الخطوة تعيد تعريف معنى "التكافل الاجتماعي" ، الذي هو ليس مجرد شعور بواجب تقليدي ، بل مسؤولية جماعية والتزام وطني وأخلاقي لحماية الأسر من الضغوط المالية والنفسية غير المبررة ، وإظهار أن الفرح والحزن يمكن أن يكونا مناسبات للتقارب والتلاحم ، لا للبذخ والمبالغة.

إن ما يجعل هذه "المبادرة" أكثر قيمة هو أنها لا تتعارض مع الأعراف العشائرية أو التقاليد المجتمعية، بل تعيدها إلى جوهرها النبيل ، الفرح في "الزواج" ، والتعاطف في "الحزن" ، بعيداِ عن الاستغلال أو المبالغة والاستعراض ، فالتقاليد الاصيلة ، لم تخلق لتكون باباً للمباهاة أو التفاخر او وسيلة للظهور أو استنزاف الموارد ، بل صممت لحفظ كرامة الناس وصون المقادير ومراعاة الإمكانات ومراعاة قدراتهم، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تلقي بظلالها على الكثير من المواطنين وحياة المجتمع اليومية.

إن نجاح "المبادرة" يتطلب التفاف المجتمع بأسره حولها ، من قادة المجتمعات ومؤسسات الدولة ، إلى مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات ، ومن الوجهاء والمخاتير إلى عامة المواطنين ، وإلى كل بيت أردني ، فهذه "المبادرة" ليست مجرد تنظيم اجتماعي بروتوكولي ، بل دعوة للتفكير الجماعي وإعادة ترتيب الأولويات ، وإصلاح فكري وثقافي يعيد صياغة منظومة القيم الاجتماعية على أسسٍ أكثر واقعية وعدلاً ، لتصبح مناسبات الفرح والحزن مناسبات للتقارب ، ومظاهر للتكافل والاحترام ، لا وسيلة للمنافسة والاستنزاف ، وإظهار القوة أو التفاخر بالمكانة الاجتماعية.

من الواضح ان مبادرة "وزارة الداخلية" ليست مجرد دعوة للتغيير ، او للتنظيم اجتماعي ، إنها رسالة واضحة للرأي العام وإعلان واضح لمرحلة جديدة من الوعي الوطني ، فالتقاليد الحقيقية وجدت لخدمة الناس ، والدولة بعقلها تقف إلى جانبهم لتخفيف الأعباء ، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإعادة الاعتبار للبساطة والكرم الأصيلين في مناسباتنا الاجتماعية ، وأن قيمنا الراسخة أقوى من مظاهر الترف الزائل ، لذلك فان مساندة وتأييد هذه "المبادرة" ليس خياراً بل واجب وطني ، ودعماً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ، وضرورة اجتماعية تدعم للشباب الطامح وتحميهم لبناء حياةٍ كريمة، وتعزز التكافل، وتدعم تقاليدنا وتعيد للروح الاجتماعية معناها الأصيل.

في الختام ، يمكن القول ان هذه "المبادرة" ستكون علامة فارقة في حياتنا الاجتماعية إذا ما التزم بها الجميع، وجعلوها صفة غالبة في المجتمع الأردني ، فهي فرصة لإعادة صياغة مناسباتنا الاجتماعية ، لتكون نماذج حقيقية للفرح والكرم والتكافل ، بعيداً عن التبذير والمبالغة، بما يحقق الراحة والكرامة لجميع أفراد المجتمع ، ويثبت أن الدولة والشعب قادران على خلق بيئة اجتماعية عادلة ومسؤولة .

بقي أن نتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلى كل الذين حملوا هذه الرؤية النبيلة بإخلاص ووعي ، ويسعون إلى تحويلها من فكرة إلى واقع مجتمعي يضيء طريق الإصلاح الاجتماعي والتكافل الوطني ، والشكر موصول ايضاً لكل من آمن بهذه الرؤية وساهم في صياغتها وتقديمها، وعلى راسهم معالي وزير الداخلية ، فهده "المبادرة" ليست مجرد مبادرة حكومية، بل مشروع وطني تنويري يستحق أن يتحول إلى ثقافة راسخة في الوجدان الأردني.

والله الموفق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :