يواصل الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ترسيخ موقعه كدولة محورية تجمع بين الابتكار الدفاعي والانفتاح الاستثماري. ومع انعقاد مؤتمر ومعرض كشف ومكافحة الطائرات المسيّرة (C-UAS) في عمّان، وزيارة جلالته الأخيرة إلى مصنع "ساب" السويدي، يتجلى بوضوح التحول الأردني نحو نموذج جديد من النهضة الصناعية الدفاعية، القائمة على نقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية عبر شراكات دولية متقدمة.

لقد أدرك الأردن مبكرًا أن الأمن الحديث لا يقوم فقط على السلاح، بل على العقل الصناعي والابتكار التقني، وأن الصناعة الدفاعية أصبحت رافعة اقتصادية واستثمارية بقدر ما هي أداة حماية وسيادة. من هنا، يشكل المركز الأردني للتصميم والتطوير (JODDB) نواة حيوية في هذه المنظومة، إذ يعمل على تطوير تقنيات الطائرات المسيرة وأنظمة الرصد والتشويش بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية، مما يفتح الباب أمام فرص استثمارية ضخمة في قطاع الصناعات الدفاعية والتكنولوجية.

أما زيارة جلالة الملك إلى مصنع “ساب” في السويد، فحملت رسالة استراتيجية مفادها أن الأردن يسعى لتوطين التكنولوجيا لا لاستيرادها فحسب، من خلال بناء شراكات قائمة على نقل المعرفة وتدريب الكفاءات الأردنية، واستقطاب الاستثمارات الصناعية المتقدمة في مجالات الطيران، الرادارات، الذكاء الصناعي، وأمن الفضاء السيبراني.

نحن أمام ثورة صناعة الفكر الرقمي، حيث لم يعد التنافس بين الدول في حجم الجيوش، بل في قدرة العقل الصناعي على إنتاج الحلول الذكية. والأردن اليوم يعيد رسم معالم دوره من خلال الدمج بين التقنية والاقتصاد الوطني، وتوظيف البحث العلمي لخدمة الأمن والاستدامة الصناعية.

هذه الرؤية الملكية العصرية تجعل من الأردن مركزًا إقليميًا واعدًا في الصناعات الدفاعية، ومنظومة أمنية تستند إلى الشراكات الذكية مع دول العالم الصناعية، بما يعزز قدرته على حماية سيادته من جهة، وبناء اقتصاد معرفي تنافسي من جهة أخرى.

الأردن، إذ يمضي في تحديث قواته المسلحة وتطوير قدراته الدفاعية بالتوازي مع تعزيز بيئة الاستثمار الصناعي، يؤكد أنه جزء فاعل في الثورة الصناعية الدفاعية العالمية، وأن حماية الأرض تبدأ من سيادة السماء، وسيادة السماء تُبنى على الفكر والتقنية والمعرفة.

"الرأي"